تجعل لله ندًا وهو خلقك"، قلت: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك"، قلت: ثم أي؟ قال: "أن تزاني حليلة جارك"، فأنزل الله تصديقها:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ...} الآية.
وأخرج الشيخان وغيرهما أيضًا عن ابن عباس أن ناسًا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أنا لما عملنا كفارة، فنزلت:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} إلى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}؛ ونزل:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ...} الآية، ولا مانع أن تكون الآية نزلت للسببين معًا، والله أعلم.
وأخرج البخاري وغيره عن ابن عباس قال: لما أنزلت في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ...} الآية، قال مشركوا مكة: قد قتلنا النفس بغير حق، ودعونا مع الله إلهًا آخر، وأتينا الفواحش، فنزلت:{إِلَّا مَنْ تَابَ ...} الآية.
وأخرج البخاري بسنده عن سعيد بن جبير قال: أمرني عبد الرحمن بن أبزي قال: سئل ابن عباس عن هاتين الآيتين ما أمرهما؟ {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}، {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} فسألت ابن عباس، فقال: لما أنزلت التي في الفرقان قال مشركوا أهل مكة: فقد قتلنا النفس التي حرم الله، ودعونا مع الله إلهًا آخر، وقد أتينا الفواحش، فأنزل الله:{إِلَّا مَنْ تَابَ}، وأما التي في "النساء": أن الرجل إذا عرف الإِسلام وشرائعه، ثم قتل فجزاؤه جهنم خالدًا فيها، فذكرته لمجاهد، فقال: إلَّا من ندم.
التفسير وأوجه القراءة
٥٥ - ولما ذكر سبحانه وتعالى دلائل التوحيد عاد إلى ذكر قبائح الكفار وفضائح سيرتهم، فقال:{وَيَعْبُدُونَ}؛ أي: ويعبد هؤلاء المشركون حالة كونهم {مِنْ دُونِ اللَّهِ} سبحانه؛ أي: متجاوزين عبادة الله تعالى: {مَا لَا يَنْفَعُهُمْ} في الدنيا, ولا