للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نزولهما: ما أخرجه (١) الطبراني عن عبد الله بن الزبير قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفرٍ من أصحابه يضحكون، فقال: "أتضحكون والنار بين أيديكم؟ " فنزلت هذه الآية {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)}، وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اطلع علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة، فقال: "لا أراكم تضحكون، ثم أدبر، ثم رجع القهقرى، فقال: "إني خرجت حتى إذا كنت عند الحجر .. جاء جبريل فقال: يا محمد إن الله تعالى يقول لك لم تقنط عبادي؟ {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)}.

التفسير وأوجه القراءة

٢٦ - {وَلَقَدْ خَلَقْنَا}؛ أي: وعزتي وجلالي لقد خلقنا وأوجدنا {الْإِنْسَانَ}؛ أي: آدم سمي إنسانًا لظهوره وإدراك البصر إياه، وقيل من النسيان لأنه عهد إليه فنسي اهـ "خازن" أو (٢) خلقنا هذا النوع الإنساني بأن خلقنا أصله وأول فردٍ من أفراده خلقًا بديعًا منطويًا على خلق سائر أفراده إنطواءً إجماليًّا. {مِنْ صَلْصَالٍ}؛ أي: من طين يابس غير مطبوخ، يصلصل؛ أي: يصوت عند نقره، وإذا طبخ؛ أي: مسته النار .. فهو فخار؛ أي: خلقنا آدم من صلصال كائن {مِنْ حَمَإٍ}؛ أي: من طين تغير واسود بطول مجاورة الماء {مَسْنُونٍ} صفة حمأ؛ أي: منتنٍ، أو مصور بصورة آدمي، من سنة الوجه، وهي صورته، أو مصبوب من سنَّ الماء إذا صبه؛ أي: مفرغ على هيئة الإنسان، كما تفرغ الصور من الجواهر المذابة في القوالب، كالرصاص والنحاس ونحوهما، كأنه سبحانه أفرغ الحمأ، فصور من ذلك تمثال إنسان أجوف فيبس، إذا نقر صوَّت، ثم غيره إلى جوهر آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين.

قال المفسرون (٣): خلق الله آدم عليه السلام من طين، فصوره وتركه في


(١) لباب النقول.
(٢) روح البيان.
(٣) المراح.