للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على النار، ووقف في هذه القراءة متعد، ومصدره: الوقف، وقد سمع في المتعدي: أوقف، وهي لغة قليلة، وقرأ ابن السميقع وزيد بن علي {وُقِفُوا} مبنيًّا للفاعل من وقف اللازم، ومصدره: الوقوف، والمعنى (١): على هذه القراءة؛ أي: ولو تراهم حين يكونون في جوف النار، وتكون النار محيطةً بهم ويكونون غائصين فيها مقدار عذابها .. لرأيت منظرًا هائلًا، وحالًا فظيعًا، وإنما صح على هذا التقدير أن يقال: وقفوا على النار؛ لأنها دركات وطبقات بعضها فوق بعض، فيصح هناك معنى الاستعلاء.

وقرأ (٢) الكسائي وابن كثير وأبو عمرو وشعبة وأهل المدينة برفع الأفعال الثلاثة: {نُرَدُّ}، {وَلَا نُكَذِّبَ} و {نكونُ}.

والأفعال الثلاثة داخلة تحت التمني؛ أي: تمنوا الرد وأن لا يكذبوا، وأن يكونوا من المؤمنين. وقرأ حفص وحمزة بنصب: {نُكَذِّبَ} {وَنَكُونَ} بإضمار: أن بعد الواو على جواب التمني. واختار سيبويه الأقطع في {وَلَا نُكَذِّبَ} ويكون غير داخل في التمني، والتقدير: ونحن لا نكذب على معنى الثبات على ترك التكذيب؛ أي: لا نكذب رددنا أو لم نرد، قال: وهو مثل دعني ولا أعود؛ أي: لا أعود على كل حال تركتني أو لم تتركني، واستدل أبو عمرو بن العلاء على خروجه من التمني بقوله: {وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}؛ لأن الكذب لا يكون في التمني. وقرأ ابن عامر: {ونكونَ} بالنصب، وأدخل الفعلين الأولين في التمني. وقرأ أبي: {ولا نكذب بآيات ربنا أبدا}. وقرأ هو وابن مسعود: {ياليتنا نرد فلا نكذب} بالفاء والنصب، والفاء ينصب بها في جواب التمني كما ينصب بالواو.

٢٨ - ثم بيَّن أن (٣) هذا التمني لم يكن لتغيير حالهم، بل لأنه بدا لهم ما كان خفيًّا عنهم، فقال: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ}؛ أي: بدا لهم سوء عاقبة ما كانوا يخفونه من الكفر والسيئات، ونزل بهم عقابه، فتبرموا وتضجروا وتمنوا


(١) المراح.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراغي.