مطيعين: يعملون الصالحات، فيثابون عليها بما هو خير منها، ويأمنون الفزع والخوف ساعتئذٍ.
وعاصين: يكبون في النار على وجوههم ويقال لهم حينئذٍ: هذا جزاء ما كنتم تعملون.
قوله تعالى:{أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما بيَّن أحوال المبدأ والمعاد، وفصَّل أحوال القيامة .. أمر رسوله أن يقول لهؤلاء المشركين هذه المقالة، تنبيهًا لهم إلى أنه قد تم أمر الدعوة بما لا مزيد عليه، ولم يبق له بعد ذلك شأن سوى الاشتغال بعبادة الله تعالى، والاستغراق في مراقبته غير مبال بهم ضلوا أو رشدوا، صلحوا أو فسدوا، إثارة لهممهم بالطف وجه إلى تدارك أحوالهم، وتحصيل ما ينفعهم، والتدبر فيما يقرع أسماعهم من باهر الآيات التي تكفي في إرشادهم، وتشفي عللهم وأمراضهم.
التفسير وأوجه القراءة
٧٦ - {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ} المنزل عليك يا محمد {يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} اليهود والنصارى، ويبيِّن لهم، {أَكْثَرَ} الأمر {الَّذِي هُمْ فِيهِ} لجهالتهم {يَخْتَلِفُونَ} مثل اختلافهم في شأن المسيح، فمن قائل هو الله، ومن قائل هو ابن الله، ومن قائل إنه ثالث ثلاثة، وقوم يقولون: إنه كاذب في دعواه النبوة، كما نسبوا مريم إلى ما هي بريئة منه، وكاختلافهم في أمر عزير فمن قائل إنه ابن الله، ومن قائل إنه نبي، ومن قائل إنه رجل صالح، وكاختلافهم في المعاد الجسماني والروحاني، وصفات الجنة والنار، وتناكرهم في أشياء كثيرة حتى لعن بعضهم بعضًا، فلو أنصفوا وأخذوا بالقرآن، وأسلموا لسلموا من هذا الاختلاف، ووجدوا ما يرفع تفرقهم.