للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْأَرْضِ}، وهذا يدل على أن الأرض باقية، لكنها جعلت غير الأرض، اهـ كرخي.

والمعنى على الوجهين: أي (١) نعيد ما خلقناه أولًا إعادة مثل بدئنا إياه، في كونه إيجادًا بعد عدم، أو جمعًا للأجزاء المتبدّدة، فهو تشبيه للإعادة بالابتداء في تناول قدرة الله تعالى لهما، على السواء. وقيل (٢): معناه: كما بدأناهم في بطون أمهاتهم. حفاة عراة غرلًا، كذلك نعيدهم يوم القيامة. روي عن ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "يحشر الناس يوم القيامة عراة. حفاة، غرلًا كما خلقوا"، ثم قرأ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} متفق عليه. وإلى هذا المعنى ذهب مجاهد.

وقوله: {وَعْدًا عَلَيْنَا} منصوب بـ {وعدنا} مقدرًا، وهو مؤكد لمضمون ما قبله؛ أي: وعدنا بالإعادة وعدًا حقًا علينا إنجازه، والوفاء به بسبب الإخبار عن ذلك، وتعلق العلم بوقوعه، وأن وقوع ما علم الله وقوعه واجب {إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} ما وعدنا لا محالة. قال العمادي: أي محققين هذا الوعد فاستعدوا له. وقال الزجاج: معنى {إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}: إنا كنا قادرين على ما نشاء، وهو البعث والإعادة، وهذه الجملة، ذكرت تأكيدًا لتحتم الخبر.

١٠٥ - {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ}، أي: وعزتي وجلالي لقد كتبنا وأثبتنا في الكتب المنزلة من السماء، التوراة، والإنجيل والزبور والفرقان {مِنْ بَعْدِ} ما كتبناه في {الذِّكْرِ} وأثبتناه في اللوح المحفوظ {أَنَّ الْأَرْضَ}؛ أي: أن أرض الجنة {يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} بامتثال المأمورات، واجتناب المنهيات في الدنيا، من بعد بعثهم وإعادتهم في الآخرة، كما يدل عليه قوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} وعلى هذا المعنى: فالمراد بالزبور جميع الكتب المنزلة من السماء التوراة والإنجيل والزبور والقرآن؛ لأن الزبور والكتاب بمعنى واحد، يقال: زبرت وكتبت، قاله


(١) المراح.
(٢) زاد المسير.