للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{قَبْلَ} حصول {الْحَسَنَةِ} والخيرات التي بشرتكم بها في الدنيا والآخرة إن أنتم مؤمنون.

والاستعجال: طلب الشيء قبل أوانه، وأصل {لِمَ} لما على أنه استفهام، حذفت ألفها فرقًا بينها وبين {ما} الموصولة في صورة الجر بالحرف؛ أي: قال لهم: لأي غرض تطلبون عجلة العقوبة حيث قلتم ائتنا بما تعدنا قبل التوبة، فتؤخرونها إلى حين نزول العذاب، فإنهم كانوا من جهلهم وغوايتهم يقولون: إن وقع تبنا حينئذٍ وإلا فنحن على ما كنا عليه.

ثم نصحهم، وطلب إليهم أن يستغفروا ربهم لعلهم يرحمون، فقال: {لَوْلَا} حرف تحضيض بمعنى هلا؛ أي: هلا {تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ} سبحانه وتتوبون إليه من كفركم، فيغفر لكم عظيم جرمكم، ويصفح عن عقوبتكم على ما أتيتم به من الخطايا. {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} بقبولها؛ إذ قد جرت سنته أن لا تقبل التوبة بعد نزول العقوبة، أي (١): رجاء أن ترحموا أو لكي ترحموا فلا تعذبوا، فإن استعجال الخير أولى من استعجال الشر، ووصف العذاب بأنه سيئة مجازًا؛ إما لأن العذاب من لوازمه، أو لأنه يشبهه في كونه مكروهًا،

٤٧ - فكان جوابهم عليه بعد هذا الإرشاد الصحيح والكلام اللين أنهم {قَالُوا}؛ أي: قال الفريق الكافر منهم لصالج ومن معه: إنا قد {اطَّيَّرْنَا} وتشاءمنا {بِكَ} يا صالح {و} بـ {مَنْ} دخل {مَعَكَ} في دينك؛ أي: كرهنا فالكم وفأل دينكم، حيث (٢) تتابعت علينا الشدائد والمصائب. من القحط والاختلاف منذ اخترعتم دينكم هذا، وكانوا قحطوا عند مبعثه بسبب تكذيبه، فقالوا: أصابنا هذا الشر من شؤمك وشؤم أصحابك فنسبوه إلى مجيئه، يعنون: شدتنا من شؤمك ومن شؤم من آمن معك؛ أي: من قبح حالكم وقبح دينكم، وقد كانت العرب أكثر الناس طيرة وأشقاهم بها، وكانوا إذا أرادوا سفرًا أو أمرًا من الأمور نفروا - حركوا - طائرًا من وكره، فإن طار يمنةً ساروا وفعلوا ما عزموا، وإن طار يسرةً تركوا ذلك.


(١) الشوكاني.
(٢) المراح.