والحفاظ لوحدة الأمة، ومناط بقاء جامعتها أمر بعض أفرادها بعضًا بالاستمساك بالخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
ثم ذكر ما حل باليهود من الذل والصغار بسبب البغي والعدوان.
التفسير وأوجه القراءة
١٠٤ - {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ}؛ أي: ولتوجد منكم يا معشر المؤمنين {أُمَّةٌ}؛ أي: جماعةٌ متميزةٌ يقتدي بها فرق الناس {يَدْعُونَ} الناس {إِلَى الْخَيْرِ} ويحثونهم على ما فيه صلاح معاشهم، ومعادهم، فأفضل الدعوة، الدعوة إلى توحيد الله وإلى إثبات ما أثبته لنفسه من الصفات، وإلى تقديسه عن الأنداد والشركاء، وعن مشابهة المخلوقات في ذاته، وصفاته، وأفعاله؛ لأنها أساس الدين ومبنى الإيمان.
{وَيَأْمُرُونَ} الناس {بِالْمَعْرُوفِ} شرعًا، والمعروف كلُ ما استحسنه الشرع والعقل، والأمر بالمعروف تابع للمأمور به، إن كان واجبًا .. فواجب، وإن كان مندوبًا .. فمندوب {وَيَنْهَوْنَ} الناس {عَنِ الْمُنْكَرِ} شرعًا، والمنكر ضد المعروف، وهو ما عرف بالعقل، والشرع قبحه. فالنهي عن الحرام واجب كله، لأن تركه واجب. وهذه الأمور من فروض الكفاية؛ لأنها لا تليق إلا من العالم بالحال، وسياسة الناس حتى لا يوقع المأمور، أو المنهي في زيادة الفجور، فإن الجاهل ربما دعا إلى الباطل، وأمر بالمنكر، ونهى عن المعروف، وقد يغلظ في موضع اللين، ويلين في موضع الغلظة.
وقوله (١){وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} من باب عطف الخاص على العام؛ إظهارًا لترفهما، وأنهما الفردان الكاملان من الخير الذي أمر الله عباده بالدعاء إليه كما قيل، في عطف جبريل وميكال على الملائكة، وحذف مفعول