للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٧ - بنو بكر بن وائل بالبحرين، قوم الحطم بن زيد، وقد كفى الله المؤمنين شرهم على يد أبي بكر رضي الله عنه، وارتدت واحدة في عهد عمر رضي الله عنه وهم غسان قوم جبلة بن الأيهم، تنصر جبلة ولحق بالشام ومات مرتدًا.

ويروى أن عمر رضي الله عنه: كتب إلى أحبار الشام لما لحق بهم كتابًا جاء فيه: إن جبلة ورد إلى في سراة قومه فأسلم، فأكرمته، ثم سار إلى مكة فطاف فوطىء إزاره رجل من بني فزارة فلطمه جبلة فهشم أنفه وكسر ثناياه، فاستعدى الفزاري على جبلة إلي فحكمت إما بالعفو وإما بالقصاص، فقال: أتقتص مني وأنا ملك وهو سوقة؟ فقلت: شملك وإياه الإِسلام، فما تفضله إلا بالعافية، فسأل جبلة التأخير إلى الغد، فلمَّا كان من الليل ركب مع بني عمه، ولحق بالشام مرتدًا. وروي أنه ندم على ما فعل وأنشد:

تَنَصَّرْتُ بَعْدَ الحَقِّ عَارًا لِلَطْمَةٍ ... وَلَمْ يَكُ فِيْهَا لَوْ صَبَرْتُ ضَرَرْ

فَأَدْرَكَنِيْ مِنْهَا لِجَاجٌ حَمِيَّةً ... فَبِعْتُ لَهَا الْعَيْنَ الصَّحِيْحَةَ بِالعَوَرْ

فَيَا لَيْتَ أمِّي لمْ تَلِدْنِي وَلَيْتَنِيْ ... صَبَرْتُ عَلَى القَوْلِ الذِيْ قَالَهُ عُمَرْ

وهؤلاء المرتدون لم يقاتلهم أحد، فإنَّ أبا بكر هو الذي قاتل جماهير المرتدين بمن معه من المهاجرين والأنصار. قوله: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}؛ أي (١): ذلك الذي تقدم من الصفات فضل الله يعطيه من يشاء من عباده، وبه يمتازون عن غيرهم، وهذه المشيئة وفق السنن التي أقام بها أمر النظام في خلقه، فجعل من الناس الكسب والعمل نفسيًّا كان أو بدنيًّا، ومنه سبحانه وتعالى آلات الكسب والقوى ما بين بدنية وعقلية، حسية ومعنوية، كما أنَّ منه التوفيق والهداية واللطف والمعونة {وَاللَّهُ وَاسِعٌ} فضله {عَلِيمٌ} بمن يستحقه، فعلينا أن لا نغفل عن فضله ومنته، ولا عما يقتضيه ذلك من الشكر له، والإنابة إليه، والإخبات والعبادة له.

٥٥ - {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} لما نهى عن موالاة الكفرة .. ذكر عقيبه من هو حقيق بها، وإنَّما قال وليكم الله، ولم يقل أوليائكم


(١) المراغي.