المجرمون، ولا يؤمنون بكتابنا وسيحل بهم مثل ما حل بالأولين، وننصرك عليهم بعد حين، كما قال: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (٨٨)}.
١٤ - ثم حكى الله سبحانه وتعالى إصرارهم على الكفر، وتصميمهم على التكذيب والاستهزاء فقال:{وَلَوْ فَتَحْنَا}؛ أي: على هؤلاء المقترحين المعاندين لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، الذين يقولون لو ما تأتينا بالملائكة {بَابًا مِنَ السَّمَاءِ}، أي: بابًا من أبوابها المعهودة، ومكناهم من الصعود إليه، أو بابًا (١) مَّا، لا بابًا من أبوابها المعهودة كما قيل، ويسرنا لهم الرقي والصعود إليه {فَظَلُّوا فِيهِ} أي: في ذلك الباب؛ أي: فصاروا {يَعْرُجُونَ}؛ أي: يصعدون في ذلك الباب بآلةٍ أو بغير آلةٍ، حتى يشاهدوا ما في السماء من عجائب الملكوت التي لا يجحدها جاحد، ولا يعاند عند مشاهدتها معاند، وقيل: الضمير في: {فَظَلُّوا} للملائكة؛ أي: فظل الملائكة يعرجون في ذلك الباب، والكفار يشاهدونهم، وينظرون صعودهم من ذلك الباب ..
١٥ - {لَقَالُوا}؛ أي: لقال هؤلاء الكفار المعاندون لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، لفرط عنادهم، وزيادة عتوهم وتشكيكهم في الحق:{إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا}، أي: سدت من باب الإحساس، أو حبست عن النظر وحيرت، أو غشيت وغطيت، ثم أضربوا عن قولهم {إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} حيث قالوا: {بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} قد سحرنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما قالوه عند ظهور سائر الآيات الباهرة، كما قال تعالى حكايةً عنهم:{وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}، تلخيصه: لو أوتوا بما طلبوا .. لكذبوا، لتماديهم في الجحود والعناد، وتناهيهم في ذلك. كما في "الكواشي".
وفي كلمتي الحصر والإضراب دلالةٌ على أنهم يبيتون القول بذلك، وأن ما يرونه لا حقيقة له، وإنما هو أمر خيل إليهم بنوع من السحر، قالوا كلمة إنما تفيد الحصر في المذكور آخرًا، فيكون الحصر في الأبصار لا في التسكير، فكأنهم قالوا: سكرت أبصارنا لا عقولنا، فنحن وإن تخايلت بأبصارنا هذه الأشياء، لكنا نعلم بعقولنا أن الحال بخلافه، ثم قالوا: بل نحن، كأنهم أضربوا عن الحصر في الأبصار، وقالوا بل جاوز ذلك إلى عقولنا بسحر سحره لنا؛ أي: ولو فتحنا على