ابنها، وقالت من شدة الوجد:(وا ولداه)، وقد فعلنا ذلك لتكون من المصدقين بوعدنا:{إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}.
١١ - ثم أخبر عن فعلها في تعرف خبره، بعد أن أخبر عن كتمها إياه بقوله:{وَقَالَتْ} أم موسى {لِأُخْتِهِ}؛ أي: لأخت موسى عليه السلام الشقيقة؛ أي: وقالت لابنتها، وكانت كبيرة تعي ما يُقال لها، ولم يقُل لبنتها للتصريح بمدار المحبة، وهو الأخوة، إذ به يحصل امتثال الأمر، واسم أخته مريم بنت عمران، وافق اسم مريم أم عيسى، واسم زوجها غالب بن يوشا.
وقال الضحاك: اسمها كلثمة، وقال السهيلي: اسمها كلثوم، وهي شقيقته وأمهما يوحانذ، وأبوهما عمران، وهو غير عمران أبي مريم أم عيسى؛ لأن بين عمرانين ألف سنة وثمان مئة سنة اهـ. شيخنا.
قال بعضهم: والأصح أن اسمها كلثوم، لا مريم، لما روى الزبير بن بكار: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على خديجة رضي الله عنها، وهي مريضة، فقال لها:"يا خديجة، أشعرت أن زوجتي معك في الجنة مريم بنت عمران، وكلثوم أخت موسى، وهي التي علَّمت ابن عمها قارون الكيمياء، وآسية امرأة فرعون" فقالت: آلله أخبرك بهذا يا رسول الله؟ فقال:"نعم"، فقالت: بالرفاء والبنين، وأطعم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خديجة من عنب الجنة، وقولها: بالرفاء والبنين أعرست؛ أي: اتخذت العروس حال كونك متلبسًا بالالتئام والاتفاق؛ أي: بالملاءمة والموافقة بينكما، وهو دعاء يدعى به في الجاهلية لمن تزوج، ولعل هذا قبل ورود النهي عن ذلك، كذا في إنسان العيون.
وفيه أن (١) هؤلاء النسوة حماهن الله تعالى عن أن يطأهن أحد، فقد ذُكر أن آسية لما ذُكرت لفرعون أحب أن يتزوجها، فتزوجها على كره منها ومن أبيها، مع بذله لها الأموال الكثيرة، فلما زُفَّت له وهمَّ بها أخذه الله تعالى عنها، وكان ذلك حاله معها، وكان قد رضي عنها بالنظر إليها، وأما مريم، فقيل: إنها تزوجت