للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تقدم مرجعه حيث قال: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ}.

٤٧ - ولما بين سبحانه الأصلين: المبدأ والمعاد .. بين الأصل الثالث، وهو النبوة، فقال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا}؛ أي: وعزتي وجلالي لقد بعثنا {مِنْ قَبْلِكَ} يا محمد {رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ}؛ أي: إلى أقوامهم الكافرين، كما أرسلناك إلى قومك عابدي الأوثان، من دون الله {فَجَاءُوهُمْ}؛ أي: فجاءت الرسل أقوامهم {بِالْبَيِّنَاتِ}؛ أي: بالحجج الواضحة، والبراهين القاطعة، الدالة على صدقهم، وعلى أنها من عند الله، و {الباء}: تصلح (١) للتعدية وللملابسة؛ أي: جاء كل رسول قومه بما يخصه من الدلائل الواضحة على صدقه في دعوى الرسالة، كما جئت قومك بالبراهين النيرة، الدالة على صدقك.

وقوله: {فَانْتَقَمْنَا} معطوف على محذوف، تقديره: فآمن بهم قوم، وكفر بهم قوم {فَانْتَقَمْنَا} {مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا}؛ أي: كفروا، والنقمة: العقوبة، ومنها الانتقام، والإجرام: تكذيب الأنباء، والإصرار عليه، وإنما وضع الموصول موضع ضميرهم للتنبيه على مكان المحذوف، والإشعار بكونه علةً للانتقام؛ أي: عاقبناهم وأهلكناهم، ونجينا الذين آمنوا بالله، وصدقوا رسله، ونحن فاعلو ذلك بمجرمي قومك، وبمن آمن بك، سنة الله التي شرعها لعباده، ولن تجد لسنة الله تبديلًا.

{وَكَانَ حَقًّا}؛ أي: واجبًا {عَلَيْنَا} وجوب (٢) كرم، لا وجوب إلزام. وفي "الوسيط" واجبًا وجوب من أوجبه على نفسه. {نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} وإنجاؤهم من شر أعدائهم، ومما أصابهم من العذاب نصر عزيز، وإنجاء عظيم، وهذا تأكيد لبشارة المؤمنين؛ لأن كلمة على تفيد معنى اللزوم، فإذا قال {حَقًّا} أكد ذلك المعنى، والنصر هو الغلبة التي لا تكون عاقبتها وخيمة، والكافر إن هزم المسلم في بعض الأوقات، لا يكون ذلك نصرةً، إذ لا عاقبة له. اهـ. من "المراح".


(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.