١ - {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣)}؛ أي: أخلص العبادة لله وحده، ولا تشرك به سواه، فإن من أشرك به فقد عصاه، ومن عصاه فقد استحق عقابه. وفي هذا حث لرسوله على ازدياد الإخلاص. وبيان أن الإشراك قبيح بحيث ينهى عنه من لا يمكن صدوره منه، فيكون الوعيد لغيره أزجر، وله أقبل. وبعد أن بدأ بالرسول وتوعده إن دعا مع الله إلهًا آخر .. أمره بدعوة الأقرب فالأقرب؛ لأنه إذا تشدد على نفسه أولًا،
٢١٤ - ثم ثنى بالأقرب فالأقرب .. كان قوله لسواهم أنفع، وتأثيره أنجع، فقال:
٢ - {وَأَنْذِرْ}؛ أي: خوف العذاب الذي يستتبعه الشرك والمعاصي {عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}؛ أي: الجماعة الذين كانوا أقرب الناس إليك في النسب، فأقرب الناس إليه بنو هاشم، ثم بنو المطلب، ثم سائر بطون قريش على ترتيب الأقرب فالأقرب؛ أي: وخوف الأقربين من عشيرتك وأهلك بأس الله سبحانه، وشديد عقابه لمن كفر به وأشرك به سواه.
وإنما أمره بإنذار الأقربين؛ لأن الاهتمام بشأنهم أهم، فالبداية بهم في الإنذار أولى، كما أن البداية بهم في البر والصلة وغيرهما أولى. وهذه النذارة الخاصة جزء من النذارة العامة التي بعث بها النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال:{لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} وقال: {لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا}.
روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشًا وعم وخص، فقال:"يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا، يا معشر بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا، يا معشر بني قصي أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا، يا معشر بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا، يا معشر بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لك ضرًا ولا نفعًا، ألا إن لكم رحمًا وسأبلها ببلالها، أصلكم في الدنيا، ولا أغني عنكم من الله شيئًا". وهذا الحديث منه - صلى الله عليه وسلم - بيان للعشيرة الأقربين.