الساحل، حذرا من اصطيادهم لاعتيادها أحوالهم، قيل: إنّها اعتادت أن لا يتعرض أحد لصيدها يوم السبت، فأمنت وصارت تظهر فيه، وتختفي في الأيام التي لا يسبتون فيها، لما اعتادت من اصطيادها فيها، فلما رأوا ظهورها وكثرتها يوم السبت .. أغراهم ذلك بالاحتيال على صيدها فيه.
وقرأ عيسى بن عمر وعاصم بخلاف عنه {لا يَسْبِتُونَ} بضم كسرة الباء في قراءة الجمهور، وقرأ علي والحسن وعاصم بخلاف عنه {يَسْبِتُونَ} بضم ياء المضارعة، من أسبت إذا دخل في السبت، قال الزمخشري: وعن الحسن {لا يَسْبِتُونَ} بضم الياء على البناء للمفعول؛ أي: لا يدار عليهم السبت، ولا يؤمرون بأن يسبتوا.
{كَذلِكَ}؛ أي: مثل هذا البلاء والاختبار بظهور السمك يوم السبت {نَبْلُوهُمْ}؛ أي: نبتليهم ونختبرهم، ونعاملهم معاملة المختبر لحال من يراد إظهار حاله، ليترتب الجزاء على عمله {بِما كانُوا يَفْسُقُونَ}؛ أي: بسبب فسقهم المستمر، وخروجهم عن أمر ربهم، واعتدائهم حدود شرعه، وقد جرت سنة الله تعالى بأن من أطاعه .. سهل له أمور الدنيا، وأجزل له الثواب في الآخرة، ومن عصاه .. ابتلاه بأنواع المحن والبلاء.
١٦٤ - والظرف في قوله:{وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ} معطوف على قوله: {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} معمول لعامله داخل في حكمه؛ أي: واسألهم يا محمد عن حال أهل تلك القرية، حين قالت جماعة منهم؛ أي: من صلحائهم الذين ركبوا الصعب والمشقة في موعظة أولئك الصيادين، حتى أيسوا من قبولهم الموعظة - لأقوام آخرين من الصلحاء الذين لم يقلعوا عن وعظ الصيادين، ولم يتركوه رجاء للنفع، وطمعا في فائدة الإنذار؛ أي: قال الآيسون من الوعظ للمستمرين فيه: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا}؛ أي: لم تستمرون في وعظ قوم {اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ}؛ أي: مخزيهم في الدنيا بعذاب الاستئصال {أَوْ مُعَذِّبُهُمْ} في الآخرة {عَذابًا شَدِيدًا}؛ موجعا لعدم إقلاعهم عما كانوا عليه من الفسق والاصطياد.