النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ}؛ أي: يدخل بعض ساعات النهار في الليل، فيزيد الليل بقدر ما نقص من النهار.
أي: ذلك بسبب أنه سبحانه قادر، ومن كمال قدرته إيلاج الليل في النهار، والنهار في الليل، وعبر عن الزيادة بالإيلاج، لأن زيادة أحدهما تستلزم نقصان الآخر. والمراد تحصيل أحد العرضين الظلام والضياء في محل الآخر؛ أي: إنه يحصل ظلمة الليل في مكان ضياء النهار، بتغييب الشمس وضياء النهار في مكان ظلمة الليل، بإطلاعها وجعلها طالعة، أو يزيد في أحد الملوين ما ينقص من الآخر من الساعات.
والمعنى (١): أي ذلك النصر الذي أنصره لمن بغي عليه، لأني أنا القادر على ما أشاء، ألا ترونني أدخل ما ينقص من ساعات الليل في ساعات النهار، وأدخل ما ينقص من ساعات النهار في ساعات الليل، وبهذه القدرة التي تفعل ذلك أنصر محمدًا وصحبه على الذين قد بغوا عليهم، وأخرجوهم من ديارهم، وأموالهم، وآذوهم أشد الأذى على إيمانهم بي وحدي. {أَنَّ اللَّهَ} سبحانه {سَمِيعٌ} يسمع قول العاقب والمعاقب {بَصِيرٌ} يرى أفعالهما، فلا يهملهما.
والمعنى: أي وبسبب أن الله تعالى سميع للأقوال، وإن اختلفت في النهار الأصوات بفنون اللغات بصير بما يعملون، لا يغيب عنه شيء ولا يعزب عنه شيء، وإن كان مثقال ذرة.
٦٢ - ولمَّا وصف نفسه بما لا يقدر عليه، غيره علل ذلك بقوله:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ}؛ أي: ذلك الاتصاف بكمال القدرة، وكمال العلم بسبب أن الله هو الثابت لذاته، وأنه لا مثيل له، ولا شريك. {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ}؛ أي: وأن الذين يعبدون من دونه تعالى من الآلهة {هُوَ الْبَاطِلُ} في ألوهيته المعدوم في حد ذاته، لا يقدر على صنع شيء، بل هو المصنوع الموجد بعد