للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بَطُؤَ، ويحتمل أن يكون متعديًّا بالهمزة أو التضعيف من بطا، فعلى اللزوم المعنى: أنه يتثاقل ويتثبط عن الخروج للجهاد، وعلى التعدي يكون: قد ثبط غيره عن الخروج، وأشار له بالقعود، وعلى التعدي أكثر المفسرين.

٧٣ - {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ}؛ أي: وعزتي وجلالي، لئن حصل لكم أيها المجاهدون فضل، ونعمة من الله سبحانه وتعالى، كفتح وغنيمة، فظفرتم بالعدو، وفتحتم البلاد، فغنمتم وأخذتم السبايا والأسرى .. {لَيَقُولَنَّ} ذلك المبطىء والمنافق: {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ} أيها المؤمنون {وَبَيْنَهُ}؛ أي: وبين ذلك المبطىء {مَوَدَّةٌ}؛ أي: محبة وصلة في الدين ومعرفة في الصحبة ولا مخالطة أصلًا، وجملة التشبيه معترضة بين الفعل الذي هو {لَيَقُولَن} وبين مفعوله الذي هو قوله: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ}؛ أي: ليقولن قول حاسد نادم: يا هؤلاء أتمنى كوني غازيًا معهم، {فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}؛ أي: فأصيب غنائم كثيرة معهم، وآخذ حظًّا وافرًا من السبايا، والغرض من جملة التشبيه التعجب (١) كأنه تعالى يقول: انظروا إلى ما يقول هذا المنافق، كأنه ليس بينكم أيها المؤمنون وبين المنافق صلة في الدين، ومعرفة في الصحبة، وقيل: الجملة التشبيهية حال من ضمير {ليقولن}؛ أي: ليقولن مشبَّهًا بمن لا معرفة بينكم وبينه، وقيل: هي داخلة في المقول؛ أي: ليقولن المثبط للمثبطين من المنافقين وضعفة المؤمنين، كأن لم تكن بينكم وبين محمد معرفة في الصحبة، حيث لم يستصحبكم في الغزو، حتى تفوزوا بما فاز محمد: يا ليتني كنت معهم، وغرض المثبط حينئذ إلقاء العداوة بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ونسبة (٢) إصابة الفضل إلى جانب الله تعالى، دون إصابة المصيبة من العادات الشريفة التنزيلية، كما في قوله تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠)} وتقديم الشرطية الأولى على الثانية لما أن مضمونها لمقصدهم أوفق، وأثر نفاقهم فيها أظهر.


(١) المراح.
(٢) كرخي.