للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عنهما أشق، فإذا سهل عليكم اتقاء الله بتركهما .. كان اتقاء الله بترك غيرهما أسهل وأخف، وقيل: لعلكم تتقون المعاصي بالمحافظة على عبادة الصوم؛ فإنه يكسر الشهوة ويضعف دواعي المعاصي، كما ورد في الحديث "ومن لم يستطع - يعني الباءة - فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء"؛ أي: قاطع لشهوته كما تنقطع بالخصي، وقيل معناه: لعلكم تنتظمون في زمرة المتقين؛ لأن الصوم من شعارهم.

١٨٤ - صوموا {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}؛ أي: أيامًا مقدرات بعدد معلوم ثلاثين يومًا، وهي شهر رمضان، ويقال (١): إن فريضة رمضان نزلت في السنة الثانية من الهجرة، وذلك قبل غزوة بدر بشهر وأيام، وكانت غزوة بدر يوم الجمعة لسبع عشرة خلت من رمضان على رأس ثمانية عشر شهرًا من الهجرة، وشرط وجوبه الإطاقة بأن كان صحيحًا مقيمًا.

{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ} أيها الأمة المحمدية {مَرِيضًا} مرضًا يشق معه الصوم ويضره، أو يزيد بالصوم ولو في أثناء النهار {أَوْ} كان عازمًا {عَلَى} إتمام {سَفَرٍ} ومتلبسًا به ولو قصيرًا، فلا يبيح (٢) السفر الفطر إذا طرأ في أثناء النهار، وهذا سر التعبير بـ {عَلَى} السفر دون المرض؛ أي: فمن كان مريضًا أو عازمًا على إتمام السفر، ومتمكنًا منه بأن كان متلبسًا به وقت طلوع الفجر إن لم يشق معه الصوم، فإن المسافر يباح له الفطر، وإن لم يجهده الصوم، ولا فرق في السفر بين كونه برًّا أو بحرًا أو جوًا، والحق (٣) أن ما صدق عليه مسمى السفر؛ فهو الذي يباح عنده الفطر، وكذا ما صدق عليه مسمى المرض؛ فهو الذي يباح عنده الفطر، وقد وقع الإجماع على الفطر في سفر الطاعة، واختلفوا في الأسفار المباحة، والحق أن الرخصة ثابتة فيه، وكذا اختلفوا في سفر المعصية؛ أي: فمن كان منكم مريضًا أو مسافرًا، فأفطر في رمضان .. فعليه عدة؛ أي: فواجب عليه


(١) خازن.
(٢) جمل.
(٣) شوكاني.