للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذي هو الأنثى .. جرى من هذين الجنسين كيت كيت، وإنّما نسب هذه المقالة إلى الجنس وإن كان فيهم الموحدون لأنّ المشركين منهم، كقوله: {وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦)} وقوله: {قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧)} وقوله: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)}. اه وقال صاحب «الكشاف»: إن المراد بالزوجين الجنس لا الفرد؛ أي: معينان، والغرض بيان حال البشر فيما طرأ عليهم من نزغات الشرك الخفي والجلي في هذا الشأن وأمثاله، والجنس يصدق ببعض أفراده.

وبهذا (١): تعلم أن ما روي عن بعض الصحابة والتابعين من أن الآية في آدم وحواء، وما روي في حديث سمرة بن جندب مرفوعا: قال: لما ولدت حواء طاف بها إبليس، وكان لا يعيش لها ولد - وذلك لأنّها ولدت قبل ذلك عبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن فأصابهم الموت - فقال لها: سميه عبد الحارث، فإنّه يعيش، فسمته عبد الحارث فعاش، فكان ذلك من وحي الشيطان؛ أي:

وسوسته، ونحوه آثار كثيرة في هذه المعنى مفصلة ومطولة، فهو خرافة من دس الإسرائيليين، نقلت عن مثل كعب الأحبار، ووهب بن منبه، فلا يوثق بها؛ لأنّ فيها طعنا صريحا في آدم وحواء عليهما السلام، ورميا لهما بالشرك، ومن ثم رفضها كثير من المفسرين، وقال الحافظ ابن كثير: وهذه الآثار يظهر عليها - والله أعلم - أنّها من آثار أهل الكتاب، وقد صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال:

«إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم».

وأخبار أهل الكتاب ثلاثة أقسام (٢):

فمنها: ما علمنا صحته بما دل عليه الدليل من كتاب الله وسنة رسوله.

ومنها: ما علمنا كذبه بما دل الدليل على خلافه من الكتاب والسنة أيضا.

ومنها: ما هو مسكوت عنه، فهو المأذون في روايته بقوله عليه السلام: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج».

وهو لا يصدق ولا يكذب لقوله: «فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم».

١٩١ - ثم بين


(١) المراغي.
(٢) المراغي.