قرأ الجمهور:{حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} بالبناء للمفعول مع التشديد، وقرأ عكرمة شذوذًا:(حَرّم عليكم) بالتشديد مبنيًّا للفاعل، والفاعل ضمير يعود على {ما} في قوله: {لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ}، أو يعود على الله منزل التوراة، أو على موسى صاحب التوراة، والظاهر الأول؛ لأنه مذكور، وقرأ إبراهيم النخعي شذوذًا أيضًا:(حَرُم) بوزن: كَرُم. {وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}؛ أي: وقد جئتكم بآية بعد آية من ربكم دالة على صدق مقالتي، وشاهدة على صحة رسالتي مما ذكرت لم: من خلق الطير، وإبراء الأكمه والأبرص، والإحياء والإنباء بالمغيبات إلى نحو ذلك (١)، وقرىء شذوذًا:{بآيات} بلفظ الجمع، وكرر هذا ليرتب عليه الأمر الذي ذكره بقوله:{فَاتَّقُوا اللَّهَ}؛ أي: خافوا عقاب الله يا بني إسرائيل في عدم قبولها {وَأَطِيعُونِ}؛ أي: امتثلوني فيما آمركم به وأنهاكم عنه عن الله تعالى، ثم ختم مقاله بالإقرار بالتوحيد، والاعتراف بالعبودية، فقال:
٥١ - {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {رَبِّي وَرَبُّكُمْ}؛ أي: خالقي وخالقكم، ومالكي ومالككم، وتكرار:{رَبِّي}{وَرَبُّكُمْ} أبلغ في التزام العبودية من قوله: ربنا، وأدل على التبري من الربوبية، وأقر بالعبودية لئلا يتقولوا عليه الباطل، فيقولوا: إنه إله وابن إله؛ لأن إقراره بالعبودية لله يمنعُ مما تدعيه جهال النصارى عليه {فَاعْبُدُوه}؛ أي: وحدوه ولازموا طاعته التي هي الإتيان بالأوامر، والانتهاء عن المناهي {هَذَا}؛ أي: الجمع بين التوحيد والعبادة {صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}؛ أي: دين قويم يرضاه الله تعالى، وهو الإِسلام الموصل إلى خيري الدنيا والآخرة.
{وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ}: الواو استئنافية {إذ}: ظرف لما مضى من الزمان. {قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ}: فعل وفاعل، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {إذ}،
(١) قوله إلى نحو ذلك: كولادتي من غير أب، وكلامي في المهد اهـ.