وخفاياها, ولا يشذ عن علمه شيء منها، فلا ينبغي لعاقل أن يدعو غيره معه كما قال:{فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}، وقال:{بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ}.
وقرأ الأعمش (١): {عالمِ} بالخفض، ووُجِّه على أنه بدل من الضمير في:{له}، أو من {رب العالمين} أو نعت للضمير في {له}، والأجود الأول؛ لبعد المبدل منه في الثاني، وكون الضمير الغائب يوصف إنما أجازه الكسائي وحده، وليس مذهب الجمهور.
٧٤ - {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ}؛ أي: واذكر يا محمَّد لهؤلاء المشركين الذين لقناك فيما سبق الحجج على بطلان شركهم وضلالهم - إذ عبدوا ما لا ينفعهم ولا يضرهم - قصص جدهم إبراهيم الخليل الذي يعظمونه ويدَّعون اتباع ملته، حين جادل قومه وراجعهم في بطلان ما كانوا يعملون؛ إذ قال لأبيه آزر منكرًا عليه وعلي قومه، وعائبًا عليه عبادته الأصنام دون بارئه وخالقه: يا أبتِ {أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً} تعبدها وتجعلها معبودًا لك من دون الله الذي خلقك وخلقها، فهو المستحق للعبادة دونها والأصنام: جمع صنم، وهو ما صوِّر على هيئة الإنسان، وعبد من دون الله، سواء كان من خشب أو حجر أو ذهب أو فضة أو غير ذلك، ذكره "الصاوي". {إِنِّي أَرَاكَ} يا أبتِ {وَقَوْمَكَ} الذين يعبدون هذه الأصنام مثلك {فِي ضَلَالٍ} وخطأ عن الصراط المستقيم. {مُبِينٍ}؛ أي: واضح ذلك الضلال لا شبهة فيه للهدى، فإن هذه الأصنام تماثيل تنحتونها بأيديكم من الحجارة، أو تقطعونها من الخشب، أو تصنعونها من المعادن، فأنتم أرفع منها قدرًا وأعز جانبًا، ولم تكن آلهة بذاتها، بل باتخاذكم إياها آلهة، ولا يليق بالعاقل أن يعبد ما هو مساوٍ له في الخلق، ولا ما هو مقهور بتصرف الخالق فيه، ومحتاج إلى الغني القادر، ولا يقدر على شيء لا نفع ولا ضر، ولا إعطاء ولا منع.