للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعالى شيئًا إلا أعطانا إياه. {وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ} عند من لم يحضرها من بني إسرائيل، أو من سائر الناس، وهذه المعجزة سماوية، وهي أعظم وأعجب، فإذا شاهدناها .. كنا عليها من الشاهدين، نشهد عليها عند الذين لم يحضروها من بني إسرائيل؛ ليزداد المؤمنون منهم بشهادتنا طمأنينة ويقينًا، ويؤمن بسببها كفارهم، أو نكون من الشاهدين لله بكمال القدرة، ولك بالنبوة بسبب مشاهدتها.

والحاصل: أنهم قالوا: نطلبها لفوائد:

١ - أننا نريد أن نأكل منها؛ لأننا محتاجون إلى الطعام، فإن الجوع قد غلبنا، ولا نجد طعامًا آخر.

٢ - أننا إذا شاهدنا نزولها .. ازداد اليقين وقويت الطمأنينة؛ إذ ينضم علم المشاهدة باللمس والذوق والشم إلى علم السمع منك، وعلم النظر والاستدلال.

٣ - أن نكون من الشاهدين على هذه الآية عند بني إسرائيل الذين لم يحضروها، أو من الشاهدين لله بكمال القدرة، ولك بالرسالة، وبذا يؤمن المستعد للإيمان، ويزداد الذين آمنوا إيمانًا.

وقرأ ابن جبير (١): {وَنَعْلَمَ} بضم النون مبنيًّا للمفعول، وهكذا في كتاب "التحرير والتحبير"، وفي كتاب "ابن عطية" وقرأ سعيد بن جبير: {ويُعلَم} بالياء المضمومة، والضمير عائد على القلوب، وفي كتاب الزمخشري: {ويعلم} بالياء على البناء للمفعول. وقرأ الأعمش: {وتعلم} بالتاء؛ أي: وتعلمه قلوبنا. وقرأ الجمهور {وَنَكُونَ} بالنون، وفي كتاب "التحرير والتحبير" وقرأ سنان وعيسى: {وتكون عليها} بالتاء الفوقانية.

١١٤ - {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ}؛ أي: لما رأى عيسى ابن مريم أن لهم غرضًا صحيحًا في ذلك السؤال .. قام واغتسل ولبس المسح (٢) وصلى ركعتين، فطأطأ رأسه


(١) البحر المحيط.
(٢) المسح - بكسر الميم وسكون السين -: البلاسي بكسر الباء، يجمع على أمساح، والبلاس: ثوب من الشعر غليظ اهـ "تاج العروس".