للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وضرتهم، وهي من شأنها أن تغر وتضر وتمر، ثم ذكر عاقبة أمرهم، فقال: {فَالْيَوْمَ}؛ أي: في هذا اليوم الحاضر يعني: يوم القيامة {نَنْساهُمْ}؛ أي: نتركهم في النار {كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا}؛ أي: كما تركوا هم في الدنيا الاستعداد والتزود للقاء يومهم هذا؛ أي: نتركهم في عذابهم تركا مثل تركهم العمل للقاء يومهم هذا، أو المعنى: نعاملهم معاملة من نسي، فنتركهم في النار؛ لأنهم أعرضوا عن آياتنا، والمراد من هذا النسيان: أن الله سبحانه وتعالى لا يجيب دعاءهم، ولا يرحمهم، بل يتركهم في النار كما تركوا العمل وقوله: {وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ} معطوف على {ما نسوا}؛ أي: كَما نَسُوا وك ما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ؛ أي: ينكرونها؛ أي: وكما كانوا منكرين أن الآيات من عند الله إنكارا مستمرا، ورفضوا ما جاءت به رسله ظلما وعلوا.

والخلاصة: فاليوم نتركهم في العذاب كما تركوا العمل في الدنيا للقاء الله يوم القيامة، وكما كانوا بآيات الله وحججه التي احتج بها عليهم الأنبياء والرسل يجحدون، ولا يصدقون بشيء منها. ويجوز (١) أن تكون الكاف للتعليل، أي: نتركهم في النار لأجل نسيانهم وجحودهم بآياتنا، والتعليل واضح في المعطوف دون التشبيه.

٥٢ - {وَلَقَدْ جِئْناهُمْ}؛ أي: وعزتي وجلالي لقد جئنا هؤلاء الكفار من مشركي مكة وغيرهم {بِكِتابٍ}؛ أي: بقرآن كريم أنزلناه عليك يا محمد {وفَصَّلْناهُ}؛ أي: بينا حلاله وحرامه، ومواعظه وقصصه حالة كوننا {عَلى عِلْمٍ} منا بما فيه من العقائد والأحكام وغيرها؛ أي: عالمين بكيفية تفصيل أحكامه، أو المعنى: حالة كون ذلك الكتاب مشتملا على علم كثير، وفضل كثير مختلف، وقد نظم بعضهم الأنواع التسعة التي اشتمل عليها القرآن في قوله:

حلال حرام محكم متشابه ... بشير نذير قصّة عظة مثل

وقرأ ابن محيصن والجحدري (٢): {فضلناه} - بالضاد المنقوطة - والمعنى:


(١) زاده.
(٢) البحر المحيط.