مسعودًا، أو نجا من كل ما يخاف، ووصل إلى كل ما يرجو، وهذه الجملة مستأنفة مقررة لما قبلها.
وإجمال معنى الآية: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله أن تعصوه، فتستحقوا بذلك عقوبته، وقولوا في رسوله والمؤمنين قولًا قاصدًا غير جائر، حقًا غير باطل، يوفقكم لصالح الأعمال، ويغفر لكم ذنوبكم، فلا يعاقبكم عليها، ومن يطع الله ورسوله، فيعمل بما أمره به، وينتهِ عما نهاه عنها، ويقل السديد من القول .. فقد ظفر بالمثوبة العظمى، والكرامة يوم العرض الأكبر.
والخلاصة: أنه سبحانه أمر المؤمنين بشيئين: الصدق في الأقوال، والخير في الأفعال. وبذلك يكونوا قد اتقوا الله وخافوا عقابه، ثم وعدهم على ذلك بأمرين:
١ - صلاح الأعمال؛ إذ بتقواه يصلح العمل، والعمل الصالح يرفع صاحبه إلى أعلى عليين، ويجعله يتمتع بالنعيم المقيم في الجنة خالدًا فيها أبدًا.
٢ - مغفرة الذنوب، وستر العيوب، والنجاة من العذاب العظيم.
٧٢ - ثم لما فرغ سبحانه من بيان ما لأهل الطاعة من الخير بعد بيان ما لأهل المعصية من العذاب .. بين عظم شأن التكاليف الشرعية، وصعوبة أمرها فقال:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ...} الآية. قال ابن عباس (١): أراد بالأمانة: الطاعة والفرائض التي فرضها الله على عباده، عرضها على السموات والأرض والجبال على أنها إذا أدُّوها .. أثابهم، وإن ضيعوها .. عذبهم. وقال ابن مسعود: الأمانة: أداء الصلوات، وايتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، وصدق الحديث، وقضاء الدين، والعدل في المكيال والميزان, وأشد من هذا كله: الودائع. وقيل: جميع ما أمروا به ونهوا عنه. وقيل: هي الصوم، وغسل الجنابة، وما يخفى من الشرائع، كالنية في الأعمال.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: أول ما خلق الله من الإنسان الفرج، وقال: هذه الأمانة استودعكها، فالفرج أمانة، والأذن أمانة، والعين أمانة، واليد أمانة، والرجل أمانة، ولا إيمان لمن لا أمانة له.