للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِذَا الْمَرْءُ أَعْطَى نَفْسَهُ كُلَّ مَا اشْتَهَتْ ... وَلَمْ يَنْهَهَا تَاقَتْ إِلَى كُلِّ بَاطِلِ

وَسَاقَتْ إِلَيْهِ الإِثْمَ وَالْعَارَ بِالَّذِيْ ... دَعَتْهُ إِلَيْهِ مِنْ حَلاَوَةِ عَاجِلِ

قال يزيد بن أبي حبيب: أولئك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا لا يأكلون طعامًا للتنعم واللذة، ولا يلبسون ثيابًا للجمال، ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع، ويقوّيهم على عبادة ربهم، ومن اللباس ما يستر عوراتهم، ويقيهم من الحرّ والبرد. وقال عبد الملك بن مروان لعمر بن عبد العزيز حين زوجه ابنته فاطمة: ما نفقتك؟ قال عمر: الحسنة بين سيئتين، ثم تلا هذه الآية. وقال لابنه عاصم: يا بني كل في نصف بطنك، ولا تطرح ثوبًا حتى تستخلقه، ولا تكن من قوم يجعلون ما رزقهم الله تعالى في بطونهم، وعلى ظهورهم. قال عمر بن الخطاب: كفى سرفًا أن لا يشتهي شيئًا إلَّا اشتراه فأكله.

٦٨ - وسادس الصفات: ما ذكره بقوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ} ولا يعبدون {مَعَ اللَّهِ} سبحانه {إِلَهًا آخَرَ} كالصنم فيجعلونه شريكًا له تعالى؛ أي: والذين لا يعبدون مع الله سبحانه إلهًا آخر، فيشركون في عبادتهم إياه، بل يخلصون له العبادة، ويفردونه بالطاعة.

يقال: الشرك ثلاثة (١):

أولها: أن يعبد غيره تعالى.

والثاني: أن يطيع مخلوقًا بما يأمره من المعصية.

والثالث: أن يعمل لغير وجه الله تعالى. فالأول كفر، والآخران معصية.

وفي "التأويلات النجمية": يعني لا يرفعون حوائجهم إلى الأغيار، ولا يتوهمون منهم المسارّ والمضارّ، وأيضًا لا يشوبون أعمالهم بالرياء والسمعة، ولا يطلبون مع الله مطلوبًا، ولا يحبون معه محبوبًا، بل يطلبون الله من الله، ويحبونه


(١) روح البيان.