ثم قام، فسارت التي معه إلى إزاء العدو، وأقبلت التي كانت بإزاء العدو، فركعوا وسجدوا وهو قائم كما هو، ثم قاموا فركع ركعة أخرى، وركعوا معه وسجدوا معه، ثم أقبلت التي بإزاء العدو، فركعوا وسجدوا وهو قاعد، ثم سلم وسلم الطائفتان معه جميعًا، وهذه كانت في غزوة نجد.
الكيفية الحادية عشرة: صلى بطائفة ركعتين ثم سلم، ثم جاءت الطائفة الأخرى، فصلى بهم ركعتين وسلم، وهذه كانت ببطن نخل. واختلاف هذه الكيفيات يرد على مجاهد قوله: إنه ما صلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا مرتين، مرة بذات الرقاع من أرض بني سليم، ومرة بعسفان والمشركون بضجنان بينهم وبين القبلة، وذكر ابن عباس: أنَّه كان في غزوة ذي قرد صلاة الخوف، وقال أبو بكر بن العربي: روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه صلى صلاة الخوف أربعًا وعشرين مرة؛ أي: كيفية. وقال ابن حنبل: لا نعلم أنه روي في صلاة الخوف إلا حديث صحيح، فعلى أي حديث صليت أجزأ، وكذا قال الطبري. ذكره أبو حيان في "البحر".
١٠٣ - {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ}؛ أي: فإذا أديتم صلاة الخوف على هذه الكيفية وفرغتم منها {فَاذْكُرُوا اللَّهَ}؛ أي: فداوموا على ذكر الله تعالى في أنفسكم، بتذكر وعده بنصر من ينصرونه في الدنيا، وقيل الثواب في الآخرة، وبألسنتكم بالحمد والتكبير والدعاء حالة كونكم {قِيَامًا وَقُعُودًا}؛ أي: قائمين وقاعدين {و} مضطجعين {على جنوبكم}؛ أي: داوموا على ذكره تعالى في كل حال تكونون عليها، من قيام في المسايفة والمقارعة، وقعود للرمي أو المصارعة، واضطجاع من الجراح أو المخادعة، فذكر الله تعالى مما يقوي القلوب، ويعلي الهمم، ويجعل متاعب الدنيا حقيرة، ومشاقها سهلة، والثبات والصبر يعقبهما الفلاح والنصر، كما قال تعالى في سورة الأنفال:{إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
والخلاصة: أننا إذا أمرنا بالذكر على كل حال نكون عليها في الحرب، كما يدل على ذلك السياق .. فأجدر بأن نؤمر به في حال السلم؛ لأن المؤمنين في جهاد مستمر وحروب دائمة، فهم تارة يجاهدون الأعداء، وأخرى يجاهدون