وأخرج ابن سعد في "الطبقات" بسنده عن محمود بن لبيد قال: عدا بشير بن الحارث على عُليَّة رفاعة بن زيد عم قتادة بن النعمان، فنقبها من ظهرها، وأخذ طعامًا له ودرعين بأداتهما، فأتى قتادة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بذلك، فدعا بشيرًا فسأله، فأنكر ورمى بذلك لبيد بن سهل رجلًا من أهل الدار ذا حسب ونسب، فنزل القرآن بتكذيب بشير وبراءة لبيد:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ...} الآيات، فلما نزل القرآن في بشير وعثر عليه .. هرب إلى مكة مرتدًا، فنزل على سلافة بنت سعد، فجعل يقع في النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي المسلمين فنزل فيه:{وَمَن يشَاقِقِ اَلرَّسُولَ ...} الآية، وهجاه حسان بن ثابت حتى رجع، وكان ذلك في شهر ربيع سنة أربع من الهجرة.
التفسير وأوجه القراءة
١٠١ - {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ} وسافرتم أيها المؤمنون للغزو أو للتجارة أو غيرهما {فِي} بعض نواحي {الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} لا حرج ولا إثم في {أنْ تَقْصُرُوا} وتنقصوا، وتتركوا ركعتين {مِنَ} عدد ركعات {الصَّلَاة} الرباعية التي تصلونها في الحضر، بأن تصلوا الظهر والعصر والعشاء ركعتين {إِنْ خِفْتُمْ} وخشيتم {أَنْ يَفْتِنَكُمُ}؛ أي: أن يقصدكم {الَّذِينَ كَفَرُوا} بفتنة وأذية، من قتل أو جرح أو أخذ في حال إتمامكم الصلاة، وذكر الخوف ليس للشرط والقيد، وإنَّما هو لبيان الواقع، حيث كانت أسفارهم لا تخلو من خوف العدو؛ لكثرة المشركين وقتئذ، ويؤيده حديث يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب: إن الله سبحانه وتعالى يقول: {إِنْ خِفْتُمْ} وقد أمن؟ فقال: عجبت منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال:"صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" رواه مسلم وأصحاب السنن. قال ابن كثير: وأمَّا قوله (١): {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فقد يكون هذا خرج