للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رأى إدريس في السماء الرابعة، ليلة المعراج" متفق عليه.

وكان سبب رفعه إليها (١): أنه سار ذات يوم في حاجة، فأصابه وهج الشمس، فقال: يا رب إني قد مشيت فيها يومًا فأصابني منها ما أصابني، فكيف من يحملها مسيرة خمس مئة في يوم واحد؟ اللهم خفف عنها من ثقلها وحرها، فلما أصبح الملك .. وجد من خفة الشمس وحرها ما لا يعرف، فقال: يا رب خففت عني حر الشمس، فما الذي قضيت فيه، قال: إن عبدي إدريس سألني أن أخفف عنك حملها وحرها، فاجبته، قال: يا رب اجعل بيني وبينه خلةً، فأذن الله تعالى له حتى أتى إدريس ورفعه إلى السماء.

واختلف القائلون بأنه في السماء (٢)، أهو حيٌّ فيها أم ميت، فالجمهور: على أنه حيٌّ وهو الصحيح، وقالوا: أربعة من الأنبياء في الأحياء: اثنان في الأرض وهما الخضر وإلياس، واثنان في السماء: إدريس وعيسى، كما في "بحر العلوم".

٥٨ - {أُولَئِكَ} العشرة المذكورون في هذه السورة من زكريا إلى إدريس - عليهم الصلاة والسلام - هم {الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {عَلَيْهِمْ} بأنواع النعم الدينية والدنيوية، حال كونهم {مِنَ النَّبِيِّين} والمرسلين بيان للوصول حالة كون بعضهم {مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ} بدل من النبيين، بإعادة الجار، ويجوز (٣) أن تكون {مِنْ} فيه للتبعيض لأن المنعم عليهم أعم من الأنبياء، وأخص من الذرية؛ يعني به إدريس {وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ}؛ أي: ومن ذرية من حملنا مع نوح في سفينته؛ يريد: إبراهيم؛ لأنه من ذرية سام بن نوح {وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ}؛ يعني: إسحاق وإسماعيل ويعقوب {وَإِسْرَائِيلَ} عطف على إبراهيم؛ أي: ومن ذرية إسرائيل؛ أي: يعقوب وكان منهم موسى، وهارون، وزكريا، ويحيى، وعيسى، وفيه دليل على أن أولاد البنات من الذرية؛ لأن عيسى من مريم، وهي من نسل يعقوب {وَمِمَّنْ هَدَيْنَا}؛


(١) المراح.
(٢) روح البيان.
(٣) البيضاوي.