للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في مكان مرتفع مستو، أصابه مطر شديد كثير {فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ}؛ أي: فأعطت صاحبها ثمرها حال كونه مضاعفًا؛ مثل ما يثمر غيرها بسبب الوابل الكثير، فتحمل من الريع في سنة واحدة ما يحمل غيرها في سنتين. وقيل: أضعفت فحملت في السنة مرتين. وخص الربوة؛ لأن شجرها أحسن منظرًا وأزكى ثمرًا إذا كان لها ما يرويها من الماء. وقرأ ابن عامر وعاصم: {بِرَبْوَةٍ} بفتح الراء، وباقي السبعة {برُبوة} بالضم، وكذلك خلافهم في: {قد أفلح}. وقرأ ابن عباس شذوذًا بكسر الراء، وقرأ أبو جعفر وأبو عبد الرحمن شذوذًا: {برباوة} على وزن كراهة، وأبو الأشهب العقيلي أيضًا: {برباوة} على وزن رسالة، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: {أُكْلَها} بضم الهمزة وسكون الكاف تخفيفًا، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي {أكُلَها} بتحريك الكاف بالضم. {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ}؛ أي: فطل يكفيها لجودة منبتها، ولطافة هوائها. والمعنى: إن لم يكن أصابها وابل، وأصابها طلٌّ .. فيكفيها. والطل: المطر الخفيف الضعيف المشدق القطر، والمراد: أن الطل ينوب مناب الوابل في إخراج الثمرة ضعفين. يقول سبحانه وتعالى: كما أن هذه الجنة تثمر في كل حال، ولا يُخيب صاحبها، قلَّ المطر أم كثر .. كذلك يضعّف الله ثواب صدقة المؤمن قلَّتْ نفقتهُ أم كثُرَتْ {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {بِمَا تَعْمَلُونَ} عملًا ظاهرًا، أو قلبيًّا {بَصِيرٌ} لا يخفى عليه شيء منه، يجازيكم عليه. يعني: أنه تعالى لا تخفى عليه نفقة المخلص في صدقته الذي لا يمن بها ولا يؤذي، والذي يمن بصدقته ويؤذي. وهذا تحذير من الرياء، وترغيب في الإخلاص. وقرأ شذوذًا {يعملون} الزهري بالياء، فظاره أن الضمير يعود على المنافقين، ويحتمل أن يكون عامًّا؛ فلا يختص بالمنافقين، بل يعود على الناس أجمعين، وقرأ الجمهور {تعملون} بالتاء على الخطاب، وفيه التفات.

٢٦٦ - {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ} هذه الجملة متصلة بقوله: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ} الخ. فهو مَثَل آخر لنفقة المرائي والمانّ، والهمزة فيه للإنكار؛ أي: أيحب أحدكم أيها المراؤون في صدقاتكم. أي: لا يحب ذلك. والود: حب الشيء مع تمنيه {أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ}؛ أي: بستان {مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} خصصهما بالذكر؛ لأنهما