للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإماتة، ولا أحد أظلم ممن يدعي ذلك، فأخبر الله تعالى: أن من كان بهذه الصفة من الظلم، لا يهديه الله إلى اتباع الحق، ومثل هذا محتوم عليه عدم الهداية، مختوم له بالكفر.

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى ...} مناسبة (١) هذه الآية لما قبلها في غاية الظهور؛ إذ كلاهما أتى بها دلالة على البعث المنسوب إلى الله تعالى في قول إبراهيم لنمروذ: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} لكن المار على القرية أراه الله ذلك في نفسه، وفي حماره وإبراهيم عليه السلام أراه ذلك في غيره وقُدِّمت آية المار على آية إبراهيم عليه السلام، وإنْ كان إبراهيم عليه السلام مقدَّمًا في الزمان على المار؛ لأنه تعجب من الإحياء بعد الموت وإنْ كان تعجب اعتبار فأشبهَ الإنكار، وإنْ لم يكن إنكارًا .. فكان أقرب إلى قصة النمروذ وإبراهيم عليه السلام. وأما إن كان المار كافرًا: فظهرت المناسبة أقوى ظهور، وأما قصة لُبَّة - أي شدة سؤاله - إبراهيم عليه السلام فهي سؤال لإرائه كيفية الإحياء؛ ليشاهد عيانًا ما كان يعلمه بالقلب، وأخبر به نمروذ.

التفسير وأوجه القراءة

٢٥٨ - {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ}؛ أي: هل (٢) انتهى إليك يا محمَّد خبر الذي خاصم إبراهيم في ربه وجادله؛ لأن {أَلَمْ تَرَ} كلمة يوقف بها المخاطب على تعجب منها، فالهمزة لإنكار النفي، ولتقرير المنفي، أي: هل انتهى إليك يا محمَّد خبر هذا الطاغوت كيف تصدَّى لإضلال الناس، وإخراجهم من النور إلى الظلمات الذي حاج، وخاصم إبراهيم عليه السلام في معارضة ربوبية ربه؟ والهاء في {رَبِّهِ} يرجع إلى {إِبْرَاهِيمَ}، أو إلى {الَّذِي حَاجَّ} فهو ربهما. وقرأ علي بن أبي طالب شذوذًا: {ألم تَرْ} بسكون الراء، وهو من إجراء


(١) البحر المحيط.
(٢) الخازن.