للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعاتبة.

والمراد بالحسنات (١): ما يعم الأعمالَ الصالحة جميعًا، حتى ما كان منها تركًا لسيئة كما قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (٣١)}. وجاء في الحديث الشريف قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأتبع السيئة الحسنة تمحها"، وقوله: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكَفِّراتٌ لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر". والمراد بالسيئات الصغائر؛ لأنَّ الكبائرَ لا يكفرها إلا التوبة، بدليل ما رواه مسلم: "الصلوات الخمس كفارة لما بينها ما اجتنبت الكبائر". وقرأ (٢) الجمهور: {وزلَفًا} بفتح اللام جمع زلفة كغرفة وغرف. وقرأ طلحة، وعيسى البصرة، وابن أبي إسحاق، وأبو جعفر، وابن القعقاع: {زُلُفًا} بضمها جمع زليف، أو كأنه اسم مفرد. وقرأ ابن محيصن، ومجاهد بإسكان اللام، وروي عنهما: (زَلْفَى) على وزن فعلى على صفة الواحد من المؤنث.

{ذَلِكَ} المذكور (٣) من الوصايَا السابقة من الاستقامة والنهي عن الطغيان، والركون إلى الذين ظلموا، وإقامة الصلاة في تلك الأوقات {ذِكْرَى}؛ أي: عِظة واعتبار {لِلذَّاكِرِينَ}؛ أي: للمتعظين بأوامر الله ونواهيه، فمن امتثلَ إلى أوامر الله تعالى، فاستقامَ وأقامَ .. فقد تحقَّقَ بحقيقة الحال والمقام؛ أي: ذلكَ المذكور موعظة للمتعظين الذين يراقبون الله، ولا ينسونَه، وخصهم بالذكر, لأنهم هم الذين ينتفعونَ بِها.

١١٥ - {وَاصْبِرْ} يا محمَّد أنت وأمتك على تحمل مشاق التكاليف أمرًا أو نهيًا من الاستقامة وعدم الطغيان وغيرهما، {فَإِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}؛ أي: أجر المخلصينَ في أعمالهم الصالحة، فعلًا أو تركًا؛ أي: يوفيهم أجورَهم، ولا يضيع منها شيئًا، فلا يهمله، ولا يبخَسُه بنقص، وإنما عبَّر


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) الشوكاني.