توبتهم، وأتجاوز عن سيئاتهم وكتمانهم {وَأَنَا التَّوَّابُ}؛ أي: القابل لتوبة من تاب {الرحيم} المبالغ في نشر الرحمة لمن مات على التوبة، وفي قوله:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} إشارة إلى أركان التوبة الثلاثة؛ لأن معنى تابوا: ندموا، ومعنى أصلحوا: بالعزم على عدم العود إلى المعصية، ومعنى بينوا: بالإقلاع عن الكتمان؛ لأن الإقلاع مفارقة المعصية؛ وهي هنا الكتمان ومفارقتها حاصلة بالبيان.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدثت شيئًا أبدًا وهما قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى}، وقوله:{وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} إلى آخر الآيتين. متفق عليه.
وهل (١) إظهار علوم الدين فرض كفاية أو فرض عين؟ فيه خلاف، والأصح أنه إذا ظهر للبعض بحيث يتمكن كل واحد من الوصول إليه لم يبق مكتومًا، وقيل: متى سئل العالم عن شيءٍ يعلمه من أمر الدين يجب عليه إظهاره، وإلا فلا. وفي "الكرخي": وهذه الآية: تدل على أن من أمكنه بيان أصول الدين بالدلائل العقلية لمن كان محتاجًا إليها، ثم تركها أو كتمها، وكتم شيئًا من أحكام الشرع مع الحاجة إليه لحقه هذا الوعيد.
١٦١ - {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} بالكتمان وغيره {وَمَاتُوا}؛ أي: واستمروا على ذلك حتى داهمهم الموت. {وَهُمْ كُفَّارٌ} بالله ورسوله. {أُولَئِكَ} المستمرون على كفرهم حتى ماتوا عليه. {عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ} وطرده لهم من رحمته {و} لعنة {الملائكة والناس} كلهم {أجمعين} حتى أهل دينهم، فإنهم يوم القيامة يلعن بعضهم بعضًا، وقرأ الجمهور:{وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} بالجر عطفًا على لفظ الجلالة، وقرأ الحسن:{والملائكة والناس أجمعون} بالرفع، وخرج على أنه مبتدأ حذف خبره تقديره: والملائكة والناس أجمعون يلعنونهم حالة كونهم