والجيران والإخوان، وقيل: الشيب، والمعنى عليه: أولم نعمّركم حتى شبتم، وفيه أن مجيء الشيب ليس بعام للجميع عموم ما قبله، وفي الأثر: ما من شعرة تبيضّ إلا قالت لأختها: استعدّي فقد قرب الموت، وقيل: غير ذلك.
قيل: أول من شاب من ولد آدم عليه السلام إبراهيم الخليل عليه السلام، فقال: ما هذا يا رب؟ قال: هذا وقار في الدنيا، ونور في الآخرة، فقال: ربّ زدني من نورك ووقارك. وفي الحديث:"إن الله سبحانه يبغض الشيخ الغربيب"؛ أي: الذي لا يشيب، كما في "المقاصد الحسنة".
وقيل: أول من صلع من البشر آدم عليه السلام؛ لطوله أثّر فيه حر الشمس؛ لأن طوله كان ستين ذراعًا، والفاء في قوله:{فَذُوقُوا} فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم قطع أعذاركم بما ذكر من التعمير ومجيء النذير، وأردتم بيان ما تستحقّون .. قأقول لكم: ذوقوا عذاب جهنم؛ لأنكم لم تعتبروا ولم تتعظوا، فأنتم الظالمون، {فَمَا لِلظَّالِمِينَ} اليوم، {مِنْ نَصِيرٍ} ينصرهم ويمنعهم من عذاب الله تعالى، والفاء في قوله:{فَمَا} للتعليل؛ أي: فذوقوا العذاب؛ لأنه ليس للظالمين أنفسهم بالكفر والشرك ناصر يدفع عنهم العذاب، وفيه إشارة إلى أنهم كانوا في الدنيا نائمين، ولذا لم يذوقوا الألم، فلمّا ماتوا وبعثوا وتيقّظوا تيقّظًا تامًا .. ذاقوا العذاب وأدركوه.
والمعنى: أي فذوقوا عذاب النار جزاء مخالفتكم للأنبياء في حياتكم الدنيا، ولن تجدوا لكم ناصرًا ينقذكم مما أنتم فيه من العذاب والسلاسل والأغلال،
٣٨ - {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه، {عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي عالم ما غاب في السموات والأرض عن العباد، وما شوهد لهم؛ أي: يختص بالله سبحانه علم كل شيء غاب عن العباد فيهما، وخفي عليهم، فكيف يخفى عليه أحوالهم، وأنهم لو ردوا إلى الدنيا .. لعادوا لما نهوا عنه؛ أي: أنه تعالى عالم بكل شيء، ومن ذلك أعمالكم لا تخفى عليه منها خافية، فلو ردّكم إلى الدنيا لم تعملوا صالحًا، كما قال سبحانه:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}.
قرأ الجمهور (١): {عَالِمُ غَيْبِ} بإضافة عالم إلى غيب، وقرأ جناح بن