للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قسم الناس إلى مدفوع به ومدفوع، وأنه بدفعه بعضهم ببعض امتنع فساد الأرض، فيهجس في نفس من غلب وقهر عن ما يريد من الفساد في الأرض أن الله تعالى غير متفضل عليه إذا لم يبلغه مقاصده ومآربه، فاستدرك أنه وإن لم يبلغ مقاصده هذا الطالب للفساد أن الله لذو فضل عليه ويحسن إليه.

٢٥٢ - {تِلْكَ}؛ أي: هذه الآيات التي قصصناها عليك يا محمَّد من حديث الألوف وموتهم وإحيائهم تمليك طالوت، وإظهاره الآية؛ وهي التابوت وإهلاك الجبابرة على يد صبي {آيَاتُ اللَّهِ} المنزلة من عنده تعالى: {نَتْلُوهَا عَلَيْكَ}؛ أي: نقرأ تلك الآيات عليك يا محمَّد بواسطة جبريل حالة كونها ملتبسة {بِالْحَقِّ}؛ أي: بالصدق واليقين الذي لا يشك فيه أحد من أهل الكتاب لما يجدونها موافقة لما في كتبهم {وَإِنَّكَ} يا محمَّد {لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} إلى الإنس والجن كافة بشهادة إخبارك عن الأمم الماضية من غير مطالعة كتاب ولا اجتماع على أحد يخبرك بذلك، فدل ذلك على رسالتك، وأن الذي تخبر به وحي من الله تعالى؛ أي: وإنك يا محمَّد لمن جملة الرسل الذين أرسلهم الله تعالى لتبليغ دعوة الله عز وجل.

فائدة: قال ابن عباس رضي الله عنهما (١): إن داود عليه السلام كان صغيرًا لم يبلغ الحنث راعيًا للغنم، وله سبعة إخوة مع طالوت، فلما أبطأ خبر إخوته على أبيهم إيشا - بوزن كسرى - أرسل ابنه داود إليهم ليأتيه بخبرهم، فأتاهم وهم في المطاف، وبادر جالوت الجبار، وهم من قوم عاد إلى البراز، فلم يخرج إليه أحد، فقال: يا بني إسرائيل، لو كنتم على حق .. لبارزني بعضكم، فقال داود لإخوته: أما فيكم من يخرج إلى هذا الأقلف؟ فسكتوا، فذهب إلى ناحية من الصف ليس فيها إخوته، فمر به طالوت وهو يحرض الناس، فقال له داود: ما تصنعون بمن يقتل هذا الأقلف؟ فقال طالوت: أنكحه ابنتي وأعطيه نصف ملكي، فقال داود: فأنا خارج إليه، وكان عادته أن يقاتل بالمقلاع الذئب والأسد في المرعى، وكان طالوت عارفًا بجلادته، فلما هم داود بأن يخرج إلى جالوت .. مر بثلاثة أحجار، فقلن يا داود: خذنا معك


(١) المراح.