للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأول: أن الله تعالى قال: {ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} في الدنيا إعلامًا وإخبارًا، وليس ذلك قولًا يقوله عند قوله: {ادْخُلُوهَا}.

الثاني: أنّ اطمئنان القلب بالقول أكثر. اهـ "كرخي".

والخلود في الجَنَّة (١) بقاء الأشياء على الحالة التي هي عليها من غير اعتراض الكون والفساد عليها، وقال سعدي المفتي: ولا يبعد والله أعلم أن تكون الإشارة إلى زمان السلم، فتحصل الدلالة على أنَّ السلامة من العذاب، وزوال النعم حاصلة لهم مؤبَّدًا مخلَّدًا لا أنها مقتصرة على وقت الدخول.

٣٥ - ثم زاد في البشرى، فقال: {لَهُمْ}؛ أي: للمتقين {مَا يَشَاءُونَ} من فنون المطالب، كائنًا ما كان سوى ما تقتضي الحكمة حجره، وهو ما كان خبيثًا في الدنيا أبدًا كاللواطة ونحوها، فإنهم لا يشاؤونها؛ لأنّ الله سبحانه يعصم أهل الجنة من شهوة محال أو منهيٍّ عنه. {فِيهَا}؛ أي: في الجنة، متعلق بـ {يَشَاءُونَ} ويجوز أن يكون حالًا من الموصول، أو من عائده، والأول أولى. اهـ "كرخي".

قال القشيري: يقال لهم: قد قلتم في الدنيا: ما شاء الله كان، فاليوم ما شئتم كان، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.

{وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}: أي: عندنا زيادة في النعيم على ما يشاؤون، وهو ما لا يخطر ببالهم، ولا يندرج تحت مشيئتهم، من أنواع الكرامات التي لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فإنهم يسألون الله سبحانه، حتى تنتهي مسألتهم فيعطيهم ما شاؤوا، ثم يزيدهم من عنده ما لم يسألوه، ولم تبلغه أمانيهم، وقيل: إنّ السحاب تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور، فتقول: نحن المزيد الذي قال الله تعالى: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} والأصح: أن المزيد هو النظر إلى وجه الله الكريم، كما روي بطرق مختلفة، فيجتمعون في كل يوم جمعة، فلا يسألون شيئًا إلا أعطاهم، وتجلى لهم، ويقال ليوم الجمعة في الجنة: يوم المزيد.


(١) روح البيان.