للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَنَضْوَايَ مُشْتَاقَانِ لَهْ أَرِقَانِ

وذكر غيره أنها لغة لبني كلاب، وعُقيل، وقرأ السدي: {ابناهْ} بألف وهاء السكت، قال أبو الفتح: ذلك على النداء، وذهبَتْ فرقة إلى أنه على الندبة والرثاءِ.

وقرأ علي وعروة وعلي بن الحسين وابنه أبو جعفر وابنُه جعفر (١): {ابنه} بفتح الهاء من غير ألف، أي: ابنها مضافًا لضمير امرأته، فاكتفي بالفتحة عن الألف، قال ابن عطية: وهي لغةٌ ومنه قول الشاعر:

إِمَّا تَقُوْدُ بِهَا شَاةً فَتَأْكُلُهَا ... أَوْ أنْ تَبِيْعَهَ فِيْ بَعْضِ الأَرَاكِيْبِ

يريد تَبِيعَها، وقرأ أيضًا علي وعروة: {ابنها} بفتح الهاء وألف.

وقرأ عاصم: {يا بنيَّ اركب معنا} بفتح الياء، ووجه على أنه اجتزأَ بالفتحة عن الألف، وأصله يا بُنيا، كيا غلامًا ثُمَّ حذفت، وبقيت الفتحة لِتَدُلَّ عليه، أو على أنَّ الألِفَ انحذفت لالتقائها مع راءِ اركب، وقرأ باقي السبعة بكسر الياء اجتزاءً بالكسرة عن ياء الإضافة، أو حذِفَت لالتقاء الساكنين.

وقرأ أبو عمرو والكسائي وحفص (٢): {ارْكَبْ مَعَنَا} بإدغام الباء في الميم لتقاربهما في المخرج، وقَرأَ الباقون بعدم الإدغام.

والمعنى: ونادَى نوحٌ ابنه حينَ الركوب في السفينة، وقبل أنْ تجرِيَ بهم، وكان في مكان منعزل بعيد عن أبيه وإخوته ومَنْ آمن من قومه يا بنيَّ اركب معنا الفلك، ولا تكن مع الكافرين الذين قضي عليهم بالهلاك، نَهَاه عن الكون مع الكافرين؛ أي: خَارجَ السفينةِ، ويُمْكِنُ أنْ يُرادَ بالكون معهم الكونَ على دينهم.

٤٣ - ثمَّ حكى الله سبحانه وتعالى ما أجاب به ابن نوح على أبيه، فقال: {قَالَ} ابن نوح جوابًا لأبيه، ظانًّا أنَّ ذلك المطرَ والتَّفْجِيرَ على العادة {سَآوِي} وألتجىء من وصول الماء إليَّ {إِلَى جَبَلٍ} أتحصن به من الماء {يَعْصِمُنِي} أي


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.