المعنى عليه والتقدير: عليكم أنفسكم هدايتكم، لا يضركم من ضل إذا اهتديتم.
وقرأ الجمهور:{لَا يَضُرُّكُمْ} بضم الضاد والراء وتشديدها، قال الزمخشري: وفيه وجهان: أن يكون خبرًا مرفوعًا، وأن يكون جوابًا للأمر الذي دل عليه اسم الفعل مجزومًا، وإنما ضُمت الراء؛ إتباعًا لضمة الضاد المنقولة إليها من الراء المدغمة، والأصل: لا يضرركم، ويجوز أن يكون نهيًا. انتهى.
وقرأ الحسن: بضم الضاد وسكون الراء من ضار يضور، وقرأ النخعي بكسر الضاد وسكون الراء من ضار يضير، وهي لغات.
{إِلَى اللَّهِ} سبحانه وتعالى وحده لا إلى غيره {مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا}؛ أي: رجوعكم ورجوع من ضلَّ عما اهتديتم إليه يوم القيامة، وغلب الخطاب على الغيبة كما تقول: أنت وزيد تقومان. {فَيُنَبِّئُكُمْ}؛ أي: يخبركم عند الحساب {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} في الدنيا من الخير والشر، فيجازيكم عليه، وفي هذه الجملة تذكير بالحشر وتهديد بالمجازاة.
١٠٦ - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}؛ أي: صدقوا الله ورسوله وما أنزل عليه {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} لما بين الله سبحانه وتعالى ما يتعلق بمصالح الدين .. شرع يبين ما يتعلق بمصالح الدنيا إشارة إلى أن الإنسان ينبغي له أن يضبط مصالح دينه ودنياه؛ لأنه مكلف بحفظهما؛ أي: يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، شهادة بينكم؛ أي: الشهادة المشروعة لكم إذا حضر أحدكم الموت؛ أي: قارب أحدكم على الموت بأن ظهرت عليه أمارات وقوع الموت، وأراد أن يوصي، وأراد أن يُشهد {حِينَ الْوَصِيَّةِ} على وصيته {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}؛ أي: هي شهادة اثنين من رجالكم أيها المؤمنون من ذوي العدل والاستقامة يشهدهما الموصي على وصيته، سواء كان في حضر أو سفر، وقوله:{مِنْكُمْ}؛ أي: من المؤمنين {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: أو شهادة اثنين آخرين من غير المسلمين إن كنتم مسافرين {فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ}؛ أي: فنزلت بكم مقدمات الموت وعلاماته، وأردتم الإيصاء، علم الله سبحانه وتعالى أن من الناس من يسافر، فيصحبه في سفره أهل الكتاب دون المسلمين، ويحضره