أمانين لأمتي، {وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}{وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة» أخرجه الترمذي.
٣٤ - ولما بين الله سبحانه وتعالى أن المانع من تعذيبهم، هو الأمران المتقدمان، وجود رسول الله صلى الله عليه وسلّم بين أظهرهم، ووقوع الاستغفار .. ذكر بعد ذلك أنّ هؤلاء الكفار، أعني كفار مكة، مستحقون لعذاب الله لما ارتكبوا من القبائح، فقال:{وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ}؛ أي: وأي شيء لهم يمنع من تعذيب الله إياهم {وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ}؛ أي: والحال أنهم يصدون النّاس ويمنعونهم عن الوصول إلى المسجد الحرام لزيارته، كما وقع منهم عام الحديبية من منع رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابه من البيت، وفي «السمين»: وما اسم استفهام إنكاري، مبتدأ و {لَهُمْ} خبره، وقوله:{أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} على تقدير الجار المتعلق بما تعلق به الظرف الواقع خبرا، والمعنى: وأي شيء ثبت واستقر لهم في أن لا يعذبهم الله؛ أي: في عدم تعذيبه؛ أي: أي مانع منه؛ أي: لا مانع منه بعد زوال هذين المانعين، وهما كون النبي صلى الله عليه وسلّم فيهم، وكون الضعفاء يستغفرون، وهم مستضعفون فيما بينهم، فلما زال هذان المنعان وجب عليهم العذاب، ولم يبق له مانع ا. هـ؛ أي: وأي شيء يمنع تعذيبهم، بما دون عذاب الاستئصال، عند زوال المانع منه، وكيف لا يعذبون وهم يمنعون المسلمين من دخول المسجد الحرام ولو لأداء النسك، فما كان مسلم يقدر أن يدخل المسجد الحرام، فإن دخل مكة .. عذبوه، إذا لم يكن فيها من يجيره، والمراد بالعذاب هنا: عذاب بدر، إذ قتل صناديدهم ورؤساء الكفر، كأبي جهل، والنضر بن الحارث، وأسر سراتهم.
وجملة قوله:{وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ} في محل نصب على أنها حال من فاعل {يَصُدُّونَ}؛ أي: والحال أنهم ما كانوا أولياء المسجد الحرام، وما كانوا مستحقين للولاية عليه لشركهم وعمل المفاسد فيه، كطوافهم فيه عراة، رجالا ونساء، وهذا رد لقولهم نحن ولاة الحرم والبيت، فنصد من نشاء، وندخل من نشاء {إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ}؛ أي: ما يلي أمره إلا من كان برا تقيا، لا من كان كافرا عابدا للصنم؛ أي: ما أولياء المسجد إلا الذين يتحرزون عن