للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذي أمرت ببنائه، يأتوك مشاة على أرجلهم، وركبانًا على ضوامر من الإبل، من كل طريق بعيد،

٢٨ - ثم بين السبب في هذه الزيارة فقال: {لِيَشْهَدُوا} متعلق بـ {يَأْتُوكَ}، وقيل: بقوله: وأذن الشهود هو الحضور؛ أي: ليحضروا {مَنَافِعَ} كائنة {لَهُمْ} من المنافع الدينية والدنيوية، وهي العفو والمغفرة والتجارة في أيام الحج، فتنكيرها؛ لأن المراد بها نوع من المنافع، مخصوص بهذه العبادة، لا يوجد في غيرها من العبادات. وقيل: المراد بها المناسك. وقيل: المغفرة. وقيل: التجارة كما في قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} وعن أبي حنيفة - رحمه الله - أنه كان يفاضل بين العبادات قبل أن يحج، فلما حج فضل الحج على العبادات كلها لما شاهد من تلك الخصائص.

{وَيَذْكُرُوا} معطوف على يشهدوا؛ أي: وليذكروا عند إعداد الهدايا والضحايا وذبحها {اسْمَ اللَّهِ} تعالى، وفي جعله (١) غاية للإتيان، إيذان بأنه الغاية القصوى دون غيره. {فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} هي أيام النحر، يوم العيد وأيام التشريق، كما يفيد ذلك قوله: {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}؛ أي: على ذبح ما رزقهم من بهيمة الأنعام؛ أي: لأجل ما رزقهم وهي الإبل والبقر والغنم، وقيل: عشر ذي الحجة. و {بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} هي الأنعام، فالإضافة فيه. كالإضافة في مسجد الجامع. والأنعام جمع نعم، وهو مختص بالإبل، وتسميته بذلك لكون الإبل عندهم أعظم نعمة، لكن الأنعام يقال: للإبل والبقر والغنم، ولا يقال لها، أنعام حتى يكون في جملتها الإبل.

والمراد بالذكر (٢): ما وقع عند الذبح، علق الفعل بالمرزوق، وبينه بالبهيمة تحريضًا على التقرب، وتنبيهًا على مقتضى الذكر، والبهيمة اسم لكل ذات أربع في البحر والبر، فبينت بالأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم؛ لأن الهدي والذبيحة لا يكونان من غيرها.


(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.