أقوال كل من الضعفاء التابعين من الناس، وأقوال المتكبرين المتبوعين وقول الشيطان للفريقين وتنصله من استحقاق الملام وكفره بما أشركوا.
{قالَ} الله سبحانه وتعالى لهؤلاء الذين استمتع بعضهم ببعض من الجن والإنس ردا عليهم {النَّارُ} الأخروية {مَثْواكُمْ}؛ أي: منزلكم وموضع إقامتكم ومقركم فيها ومصيركم إليها حالة كونكم {خالِدِينَ فِيها}؛ أي: في النار؛ أي: مقيمين فيها إقامة خلود أبدا {إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى من الأوقات التي ينقلون فيها من عذاب السعير إلى عذاب الزمهرير، فيشتد البرد عليهم فيه، فيطلبون الرد إلى الجحيم كما قال تعالى: {ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨)}.
{إِنَّ رَبَّكَ} يا محمد {حَكِيمٌ} في صنعه وتدبيره، فيضع كل شيء في محله اللائق به، وقيل: حكيم فيما يفعله من ثواب الطائع وعقاب العاصي، وفي سائر وجوه المجازاة {عَلِيمٌ} بخلقه، فيجازي كلا بعمله، أو عليم بعواقب أمور خلقه وما هم إليه صائرون، كأنه قال: إنما حكمت لهؤلاء الكفار بالخلود في النار؛ لعلمي بأنهم يستحقون ذلك.
١٢٩ - {وَكَذلِكَ}؛ أي: وكما متعنا الإنس والجن بعضهم ببعض {نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا} آخر منهم؛ أي: نسلط بعض الظالمين بالكفر والمعاصي، أي: نسلط ونؤمر بعضهم على بعض {بِما كانُوا يَكْسِبُونَ}؛ أي: بسبب ما يعملونه من الكفر والمعاصي، أو بسبب كسبهم وعملهم المعاصي. والضمير في {كانُوا} عائد على البعض الثاني كما في «الجمل». والمعنى: كما متعنا الإنس والجن بعضهم ببعض نسلط بعض الظالمين بعضهم على بعض بسبب كسبهم من المعاصي، فيؤخذ الظالم بالظالم لما في الحديث. «ينتقم الله من الظالم بالظالم، ثم ينتقم من كليهما»، وفي الحديث أيضا «كما تكونوا يولّ عليكم» ومن هذا المعنى قول الشاعر:
وما من يد إلا يد الله فوقها ... وما من ظالم إلا سيبتلى بأظلم
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: إن الله تعالى إذا أراد بقوم