للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى اللفظ؛ أي: إن قدرتم على {أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض، ونواحيهما هاربين من الله تعالى، فارين من قضائه {فَانْفُذُوا}؛ أي: فاخرجوا منها، وخلصوا أنفسكم من عقابي، وهو أمر تعجيز، والمراد: أنهم لا يفوتونه، ولا يعجزونه، حتى لا يقدر عليهم.

والمعنى (١): إن استطعتم أن تهربوا من الموت بالخروج من أقطار السموات والأرض فاهربوا، واخرجوا منها، فحيثما كنتم يدرككم الموت. وقيل: يقال لهم: هذا يوم القيامة.

والمعنى: إن استطعتم أن تخرجوا من أقطار السموات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فاخرجوا. وقيل: معناه: إن استطعتم أن تهربوا من قضائي، وتخرجوا من ملكي، ومن سمائي وأرضي فافعلوا.

ثم قال تعالى: {لَا تَنْفُذُونَ}؛ أي: لا تقدرون على النفوذ والخروج {إِلَّا بِسُلْطَانٍ}؛ أي: إلا بقوّة، وقهر، وغلبة. وأنى لكم ذلك؟ لأنكم حيثما توجهتم كنتم في ملكي وسلطاني، وأنتم من ذلك بمعزل بعيد.

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: معناه: إن استطعتم ان تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموا, ولن تعلموه إلا بسلطان؛ أي: إلا ببينة من الله تعالى نصبها، فتعرجون عليها أفكاركم، روي: أن الملائكة تنزل، فتحيط بجميع الخلائق، فيهرب الإنس والجن، فلا يأتون وجهًا إلا وجدوا الملائكة أحاطت به، فتقول لهم الملائكة ذلك، فكما لا يقدر أحد على الفرار يوم القيامة، كذلك لا يقدر في الدنيا، فيدركه الموت والقضاء لا محالة.

٣٤ - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} التي من جملتها هذه النعمة الحاصلة بالتحذير والتهديد. فإنها تزيد المحسن إحسانًا، وتكف المسيء عن إساءته. والمساهلة والعفو مع كمال الفدرة على العقوبة. {تُكَذِّبَانِ} وتنكران، وقرأ الجمهور {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ} على خطاب الجماعة. لأنّ كلًّا من الفريقين تحته أفراد كثيرة، كقوله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}. وقرأ زيد بن علي {إن استطعتما} على خطاب تثنية الثقلين، ومراعاة


(١) الخازن.