للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عياض: {الكنود}: الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإساءة الخصال الكثيرة من الإحسان (١)، وضده الشكور، وهو الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة. يقال: كَنَدَ النعمة كُنودًا كفر بها، فالكُنود - بالضم - كفران النعمة , وبالفتح الكَفور، ومنه سمي كندة - بالكسر - وهو لقب ثور بن عفير أبي حي من اليمن؛ لأنه كند أبوه النعمة ففارقه ولحق بأخواله. وقال الكلبي: {الكنود} بلسان كندة: العاصي، وبلسان بني مالك: البخيل، وبلسان مضر وربيعة: الكفور. قيل: كان ثلاثة نفر من العرب في عمر واحد، أحدهم آية في السخاء وهو حاتم الطائي، والثاني آية في البخل وهو أبو حباحب، وبخله أنه كان لا يوقد النار للخير إلا إذا نام الناس، فإذا انتبهوا .. أطفا ناره؛ لئلا ينتفع بها أحد، والثالث آية في الطمع، وهو أشعب بن جبير مولى مصعب بن الزبير بن العوام، قرأ صبي في المكتب وعنده أشعب جالس: إن أبي يدعوك، فقام ولبس نعليه، فقال الصبي: أنا أقرأ حزبي! وكان إذا رأى إنسانًا يحك عنقه .. يظن أنه ينتزع قميصه ليدفعه إليه، وكان إذا رأى دخانًا ارتفع من دار .. ظن أن أهلها تأتي بطعام، وكان إذا رأى عروسًا تزف إلى موضع .. جعل يكنس باب داره لكي تدخل داره، قال: ما رأيت أطمع منى إلا كلبًا تبعني على مضغ العلك فرسخًا.

وقال الحسن: {لَكَنُودٌ}؛ أي: لوام لربه، يذكر المصيبات وينسى النعم. وقال: القاشاني: لكفور لربه باحتجاجه بنعمه عنه ووقوفه معها، وعدم استعماله لها فيما ينبغي ليتوصل بها إليه، وقيل غير ذلك. والمراد بالإنسان: بعض أفراده؛ أي: إنه لنعمة ربه خصوصًا لكفور؛ أي: شديد الكفران. فقوله: {لِرَبِّهِ} متعلق بـ {كنود}، قدم عليه لإفادة التخصيص ومراعاة الفواصل،

٧ - {وَإِنَّهُ}؛ أي: وإن الإنسان، {عَلَى ذَلِكَ}؛ أي: على كُنوده {لَشَهِيدٌ}؛ أي: شاهد يشهد على نفسه بالكنود لظهور أثره عليه، فالشهادة هنا بلسان الحال لا بلسان المقال، ويحتمل أن يجعل من الشهود, بمعنى أنه لكفور مع علمه بكفرانه، والعمل السيء مع العلم به غاية المذمة. والمعنى أي (٢): وإنه مع كنوده ولجاجته في الطغيان وتماديه في الإنكار والبهتان إذا خلى ونفسَه .. رجع إلى الحق وأذعن إلى أنه ما شكر ربه على


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.