للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يتذكرون من أهل مكة، وغيرهم. {اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ}؛ أي: على حَالَتِكم وجهتكم التي هي عدم الإيمان {إِنَّا عَامِلُونَ} على حالنا، وهو الإيمان به، والاتعاظ والتذكير به

١٢٢ - {وَانْتَظِرُوا} بنا الدوائرَ والنوائبَ على ما يعدكم الشيطان {إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} أن ينزل بكم ما نَزَلَ بأمثالكم من الكفرة على ما وعد الرحمن. فهذا تهديد لهم؛ لأن الآيةَ منسوخة بآية السيف.

والمعنى (١): {وَانْتَظِرُوا} بنا ما تتمنونه من انتهاء أمرنا إما بموت أو غيره، مما تحدِّثون به أنفسَكم، كما حكى الله عنهم في قوله: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠)}.

{إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} أن ينزلَ بكم مثل ما نزلَ بأمثالكم من عقابه تعالى، بعذاب من عنده، أو بأيدي المؤمنين، وأن يكفل لنا النصرَ والغلبة، وتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، والله عزيز حكيم. وقد أنجزَ وَعْدَه، ونصَرَ رسوله، وأيَّدَهُ، ونظير الآية قوله تعالى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}.

١٢٣ - و (اللام) في قوله (٢): {وَلِلَّهِ} للاختصاص {غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الغيب في الأصل مصدر، وإضافة المصدر يفيد العموم، والإضافة فيه بمعنى في؛ أي: وعلم جميع ما غاب عنك يا محمَّد، وعن سائر الخلائق في السموات والأرض مختص بالله سبحانه وتعالى، فكيف يخفَى عليه أعمالكم؛ وهو المالك لجميع ما في السموات والأرض، المتصرف فيه كيف شاء، العالم بكل ما سيقع فيهما، والعالم بوقته الذي يقع فيه.

وخص (٣) ذكرَ الغيب مع كونه يعلم بما هو شاهد فيهما، لكونه من العلم الذي لا يُشَارِكهُ فيه غيره، وخص ذكرَ السموات والأرض مع كونه يعلم ما غاب في غيرهما من العرش والكرسي وغيرهما، لكونهما محسوسين للمخاطبين.


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.