للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بأخذك لها، ووضعها في مواضعها.

والصلاة من الله على عباده رحمته لهم، ومن ملائكته استغفارهم، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ومن المؤمنين على النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاؤهم له، بما أمرهم به في الصلاة بعد التشهد الأخير. {وَاللَّهَ} سبحانه وتعالى، {سَمِيعٌ} لاعترافهم بذنوبهم، وسميع لدعائك لهم، سماع قبول وإجابة {عَلِيمٌ} بندمهم وتوبتهم منها، وإخلاصهم في صدقاتهم، وطيب أنفسهم بها، عليم بما فيه الخير والمصلحة لهم، وهو الذي يثيبهم عليها. وقد روى البخاري ومسلم، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه قوم بصدقتهم، قال: "اللهم صل على فلان" فأتاه أبي بصدقته فقال: "اللهم صل على آل أبي أوفى".

وقرأ الحسن (١): {تُطَهِرُهُمْ} من أطهر الرباعي وأطهر وطهّر للتعدية من طهر. وقرأ الأخوان حمزة والكسائي وحفص: {إِنَّ صَلَاتَكَ} هنا وفي هود، {أصَلَاتَكَ} بالإفراد وباقي السبعة بالجمع

١٠٤ - {أَلَمْ يَعْلَمُوا}؛ أي: ألم يعلم أولئك التائبون من ذنوبهم، قبل توبتهم وصدقتهم، {أَنَّ اللَّه} سبحانه وتعالى، {هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ}، الصحيحة {عَنْ عِبَادِهِ}، المخلصين؛ لاستغنائه عن طاعة الطائعين، وعدم مبالاته لمعصية المذنبين، ولم يجعل ذلك لأحد من خلقه، لا رسول، ولا من دونه، {وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ}؛ أي: ويقبل الصدقات الصادرة عن خلوص نية، ويثيب عليها، ويضاعف ثوابها، كما وعد ذلك في قوله: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} وفي الآية حَضٌّ على التوبة والصدقة والترغيب فيهما.

وفي إسناد الأخذ إليه سبحانه، بعد أمره لرسوله، - صلى الله عليه وسلم - بأخذها، تشريف عظيم لهذه الطاعة ولمن فعلها. والاستفهام (٢) في قوله: {أَلَمْ يَعْلَمُوا}: للتقرير، وهو حمل المخاطب على الاعتراف بأمر قد استقر عنده ثبوته، أو نفيه، أو


(١) البحر المحيط.
(٢) الفتوحات.