للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهم باعتبار أنهم خالقون مقدمون على أنفسهم في الوجود باعتبار أنهم مخلوقون. وهذا بين البطلان.

٣٦ - {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وهم لا يدعون ذلك، فلزمتهم الجحة. ولهذا أضرب عن هذا، وقال: {بَلْ لَا يُوقِنُونَ}؛ أي: ليسوا على يقين من الأمر، بل يتخبطون في ظلمات الشك في وعد الله ووعيده. فأم للاستفهام الإنكاري بمعنى النفي؛ أي (١): ما خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون بأنّ الله واحد. فإذا سئلوا من خلقكم، وخلق السموات والأرض؟ قالوا: الله، وهم غير موقنون بما قالوا، وإلا لما أعرضوا عن عبادته؛ أي: لما لم ينشأ من إيقانهم بالله أثر، وهو الإقبال على عبادته جعل إيقانهم كالعدم، فنفي عنهم. وفي هذا تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: إنهم كما طعنوا فيك يا محمد طعنوا في خالقهم، فلا تحزن لعدم إيمنهم ولا تبخع نفسك عليهم.

٣٧ - {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ} رحمة {رَبِّكَ} ورزقه. فهو على حذف مضاف؛ أي: هل عندهم خزائن النبوّة، ومفاتيح الرسالة فيضعونها حيث شاؤوا، ويمسكونها عمن شاؤوا؛ أي: أعندهم خزائن علمه وحكمته، حتى يختاروا لها من اقتضت الحكمة اختياره. وقيل: هل عندهم خزائن أرزاق العباد فيعطونها من شاؤوا، ويحرمونها من شاؤوا.

{أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ}؛ أي: بل أهم المسلطون الجبارون الغالبون على الأمور، يدبرونها كيفما شاؤوا، حتى يدبر أمر الربوبية، ويبنوا الأمور على إرادتهم ومشيئتهم. وفي "عين المعاني": بل أهم الأرباب المسلطون على الناس فيجبرونهم على ما شاؤوا. جمع مسيطر، من السطر كأنه يخط للمسلط عليه خطًّا لا يجاوزه. وفي "كشف الأسرار": المسيطر: المسلط القاهر الذي لا يكون تحت أمر أحد ونهيه، ويفعل ما يشاء. وفي "القاموس": السطر: الصف من الشيء كالكتاب، والشجر وغيره، والخط والكتابة. ويحرك في الكل كما سيأتي.

وقرأ الجمهور (٢): {المصيطرون} بالصاد الخالصة. وهشام، وقنبل، وابن


(١) المراح.
(٢) البحر المحيط.