للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إسرائيل إلا وقد علا المد وطغى، حتى أغرق المصريّين جميعا، وتحقّقت نعمة الله على بني إسرائيل، وتمّ لهم التوفيق، ولعدوّهم الخذلان. ونعم الله بغير طريق المعجزات، أتمّ وأكثر، فليس بلازم أن نجعل الامتنان في كونه معجزة لموسى عليه السلام. انتهى.

ومثل هذا التأويل، ليس بضائر إذا كان أربابه يثبتون صدور خوارق العادات على يد الأنبياء تأييدا من الله لهم، أما إذا أنكروها فلا حاجة إلى الكلام معهم، إذ لا بدّ أن نثبت لهم قدرة الله وإرادته، ثم نثبت لهم إمكان الوحي، وإرسال الرسل، وتأييدهم بالمعجزات.

وقرأ الجمهور (١): {وَإِذْ فَرَقْنا} بالتخفيف. وقرأ الزهري {فَرَّقنا} بالتشديد ويفيد التكثير؛ لأنّ المسالك كانت اثنتي عشرة مسلكا على عدد أسباط بني إسرائيل، ومن قرأ {فَرَقْنا} مجردا اكتفى بالمطلق، وفهم التكثير من تعداد الأسباط

٥١ - {وَ} اذكروا يا بني إسرائيل! {إِذْ واعَدْنا}؛ أي: قصة وعدنا {مُوسى} ابن عمران عليه السلام، وقت انقضاء أربعين ليلة لإيتاء التوراة، فصيغة المفاعلة بمعنى الثلاثي المجرد، فيكون صدور الوعد من واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، أو على أصلها، فإنّ الوعد وإن كان من الله، فقبوله كان من موسى، وقبول الوعد شبه الوعد، أو أنّ الله تعالى وعده بالوحي، وهو وعده المجيء للميقات إلى الطور (٢). قرأ الجمهور {وعدنا} بالألف، وهي قراءة مجاهد، والأعرج، وابن كثير، ونافع، والأعمش، وحمزة، والكسائي، وقرأ أبو عمرو {ووعدنا} بغير ألف هنا، وفي (الأعراف) و (طه) وقد رجح أبو عبيد، قراءة من قرأ {وعدنا} بغير ألف، وأنكر قراءة من قرأ {واعَدْنا} بالألف، ووافقه على معنى ما قال: أبو حاتم، ومكيّ، وقال أبو عبيد: المواعدة لا تكون إلا من البشر. وقال أبو حاتم: أكثر ما تكون المواعدة من المخلوقين المتكافئين، كل واحد منهما يعد صاحبه،


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.