إيمانهم، ما لم يعلم أنهم مطبوعون على الضلالة، والممنوع هو الاستغفار بعد العلم، لقوله تعالى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ...} الآية، ذكره البيضاوي.
٨١ - ثم ذكر سبحانه نوعًا آخر من قبائح المنافقين، فقال:{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ}؛ أي: المخلفون من هؤلاء المنافقين، الذين تركهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند خروجه إلى غزوة تبوك {بِمَقْعَدِهِم}؛ أي: بقعودهم في بيوتهم في المدينة {خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ} أي: بعد خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك، أو مخالفين الله ورسوله، وإنما فرحوا بذلك؛ لأنهم لا يؤمنون بما في الخروج معه من أجر عظيم، لا تذكر معه راحة القعود في البيوت شيئًا، والمخلفون اسم مفعول، من خلف إذا ترك، فالمخلفون المتروكون، وهم الذين استأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المنافقين، فأذن لهم وخلفهم بالمدينة، أو الذين خلفهم وأقعدهم الكسل أو خلفهم الله تعالى، بتثبيطه إياهم، لما علم في ذلك من الحكمة الخفية، أو خلفهم كسلهم، أو نفاقهم، كما ذكره أبو السعود {بِمَقْعَدِهِم}؛ أي: بقعودهم، يقال قعد قعودًا ومقعدًا؛ أي: جلس {خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ}، ظرف زمان، بمعنى بعد خروج رسول الله إلى تبوك، إليه ذهب أبو عبيدة وعيسى بن عمرو الأخفش، ويؤيد هذا قراءة ابن عباس وأبي حيوة، وعمرو بن ميمون {خلف} بفتح الخاء وسكون اللام، أو مفعول لأجله، والعامل فيه إما فرح، وإما مقعد؛ أي: فرحوا لأجل مخالفتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث مضى هو للجهاد وتخلفوا هم عنه، أو بقعودهم لمخالفتهم له، وإليه ذهب الطبري والزجاج، ويؤيد ذلك قراءة من قرأ؛ {خلف} بضم الخاء وسكون اللام، أو منصوب على المصدرية، بفعل مقدر مدلول عليه، بقوله:{مقعدهم} لأنه في معنى تخلفوا؛ أي: تخلفوا خلاف رسول الله.
وقرأ ابن مسعود وابن يعمر والأعمش وابن أبي عبلة (١): {خلف رسول الله} بفتح الخاء وسكون اللام، وقرىء:{خلف} بضم الخاء وسكون اللام