للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المذكورون في قوله: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧)} وأصل عادٍ اسم رجل ثُمَّ صار اسمًا للقبيلة، كتَمِيمِ وبكر ونحوهما، والمرادُ بعاد هنا: اسم قبيلة تُنسب إلى أبيها عاد من ذرية سام بن نوح، فعاد أبو القبيلة، وسمِّيت باسمه، وهودٌ من تلك القبيلة، فينتسب إلى عاد أيضًا، وبَيْنَ هود ونوح ثمان مئة سنة، وعاش أربع مئة سنة، وأربعًا وستينَ سنةً فـ {قَالَ} لهم هود عليه السلام، {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ}؛ أي: أفردُوا الله سبحانَه وتعالى بالعبادة {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}؛ أي: ليس لكم إلهٌ غيره تعالى، فلا تعبدوا من دونه وَثَنًا ولا صنمًا، وقرأ غيره بالجر على اللفظ، وبالرفع على محلِّ {مِنْ إِلَهٍ} وقرِىء بالنصب على الاستثناء ذكره الشوكاني {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ}؛ أي: ما أنتم باتخاذ إله غير الله، إلا كاذبون على الله عز وجل؛ أي: فما أنتم في عبادتكم غَيْرَه تعالى من الأنداد والشركاء، إلا مختلقون الكذبَ عليه تعالى، بتسميتكم إياهم شُفَعَاءَ تتقرَّبون بهم أو بقبُورهم، أو بصورهم وتماثيلهم، وتَرْجُون النَّفْعَ وكَشْفَ الضر عنكم بجاههم عنده تعالى

٥١ - و {يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ}؛ أي: على تبليغ ما أدْعوكم إليه من إخلاص العبادة لله وحده، والبراءة من الأوثان {أَجْرًا}؛ أي: مالًا مَجْعولًا لي في مقابلة التبليغ، فتَتَّهموني بأني أريد المنفعةَ لنفسي، خاطب بهذا كل نبي قَوْمَه إزاحة للتهْمةِ، وتمحيضًا للنصيحة، فإنها لا تنجع ما دامَتْ مَشُوبةً بالمطامع، وقرأ ابن محيصن: (يا قوم) بضم الميم كقراءة حفص {وقل رب احكُم} بالضم، وهي لغةٌ في المنادى المضاف حكاها سيبويه وغيره، ذكره أبو حيان {إِنْ أَجْرِيَ}؛ أي: ما ثوابي الذي أرْجُوهُ على تبليغي إياكم {إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي}؛ أي: إلا على الله الذي خلقني على الفطرة السليمة مبرأً من هذه البدَعِ الوثنيَّةِ التي ابتدعها قوم نوح حين صنعوا التماثيلَ لحفظِ ذِكرى الصالحين، فزَيَّن لهم الشيطانُ تعظيمَ هذه التماثيل، فَعَبَدُوها، وإنما جعل (١) الصلةَ فِعلَ الفطرة لكونه أقدمَ النعم الفائضة من جناب الله تعالى المستوجبة للشكر.

وإنما قال (٢) فيما تقدم في قصة نوح: {مَالًا}، وهنا قال: {أَجْرًا} لذكر


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.