الآية وورد نحو هذا من حديث أبي هريرة، وأبي عقيل، وأبي سعيد الخدري، وابن عباس، وعميرة بنت فهد بن رافع، أخرجها كلها ابن مردويه.
قوله تعالى:{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن جرير، عن ابن عباس، قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس أن ينبعثوا معه، وذلك في الصيف، فقال رجل: يا رسول الله الحر شديد، ولا نستطيع الخروج، فلا تنفروا في الحر، فأنزل الله {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ...} الآية.
وأخرج عن محمَّد بن كعب القرظي. قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حر شديد إلى تبوك، فقال رجل من بني سلمة: لا تنفروا في الحر، فأنزل الله {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ..} الآية.
التفسير وأوجه القراءة
٧٣ - {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} الكريم محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، {جَاهِدِ الْكُفَّارَ}؛ أي: جاهد المجاهرين بالكفر، بالسيف والسِّنان {و} جاهد {المنافقين}؛ أي: الساترين كفرهم بإظهار الإِسلام بالحجة واللسان، لا بالسيف، لنطقهم بكلمتي الشهادة {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}؛ أي: واشدد على كلا الفريقين بالفعل والقول، ولا ترأف عليهم والغلظ: نقيض الرأفة، وهو شدة القلب، وخشونة الجانب، قيل: وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو والصلح والصفح المذكور في القرآن.
والأمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الجهاد أمرٌ لأمته أو بعده، وجهاد الكفار يكون بمقاتلتهم حتى يسلموا، وجهاد المنافقين يكون بإقامة الحجة عليهم حتى يخرجوا عن النفاق، ويؤمنوا باللهِ تعالى.
والمعنى: يا أيها النبي ابذل جهدك في مقاومة هاتين الطائفتين، اللتين تيعشان بين ظهرانيك، بمثل ما يبذلان من جهد في عداوتك، وعاملهما بالغلظة والشدة، التي توافق سوء حالهما.
وقد اتفق الأئمة على أن المنافقين يعاملون بأحكام الشريعة كالمسلمين الصادقين، فلا يقاتلون إلا إذا ارتدوا، أو بغوا على جماعة المسلمين بالقوة، أو