قلتُ: يجوز أن يسأل العبد ربه، ما علم أنه يفعله، وأن يستعيذ به مما علم أنه لا يفعله، إظهارًا للعبودية، وتواضعًا لربه، وإخباتًا له. انتهى.
٩٨ - {وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨)}؛ أي: من أن يحضروني، ويحوموا حولي فى حال من الأحوال صلاة، أو تلاوة، أو عند الموت، أو غير ذلك؛ لأنهم إنما يحضرون بقصد سوء، وكرر ذلك للمبالغة، والاعتناء بهذه الاستعاذة؛ أي: وقيل رب فى كل وقت؛ لأن العصمة والحفظ من الشيطان أمرها عظيم جدًّا، وهو وإن كان معصومًا فالمقصود تعليم أمته، وإظهار الالتجاء إليه، ذكره "الصاوي".
أي: وقل (١) رب إني ألتجىء إليك من أن يصل إلى الشياطين بوساوسهم، أو أن يبعثوا إلى أعداءك لإيذائي، وهكذا يدعو المؤمنون، فإن الشيطان لا يصل إليهم، إلا بأحد هذين الأمرين. وإذا انقطع العبد إلى مولاه وتبتل إليه، وسأله أن يعيذه من الشياطين استيقظ قلبه، وتذكر ربه فيما يأتي ويذر، ودعاه ذلك إلى التمسك بالطاعة، وازدجر عن المعصية، واستعاذ - صلى الله عليه وسلم - أن تحضره الشياطين فى عمل من أعماله، ولا سيما حين الصلاة، وقراءة القرآن، وحلول الأجل. أخرج أحمد وأبو داود، والترمذي وحسنه والبيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلّمنا كلمات نقولها عند النوم خوف الفزع:"بسم الله، أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه، وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون". قال: فكان ابن عمرو يعلمها من بلغ من أولاده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرًا لا يعقل أن يحفظها كتبها له فيعلقها فى عنقه.
وأخرج أحمد عن الوليد أنه قال: يا رسول الله، إني أجد وحشة، قال: "إذا أخذت مضجعك فقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه، وعقابه، وشر