٦٧ - ولما ذكر الله سبحانه أن المشركين في شك من البعث، وأنهم عمون عن النظر في دلائله أراد أن يبين غاية شبههم، وهي مجرد استبعاد إحياء الأموات بعد صيرورتهم ترابًا، فقال:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: مشركو مكة {أ} نخرج من قبورنا {إِذَا كُنَّا} وصرنا {تُرَابًا} وعظامًا رميمًا {وَآبَاؤُنَا} معطوف على ضمير {كُنَّا} بلا تأكيد لفصل ترابًا بينهما، والهمزة فيه للاستفهام الإنكاري داخلة على محذوف، هو العامل في إذا كما قدرنا، وكذا في قوله:{أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ} والضمير في {أَئِنَّا} شامل لهم ولآبائهم لأن كونهم ترابًا يتناولهم وآباءهم، والعامل في إذا ما دل عليه {أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ} وهو نخرَج، كما قدرنا آنفًا، لا مخرجون؛ لأن كلًّا من الهمزة وإنا واللام مانع من عمله فيما قبلها، وتكرير الهمزة للمبالغة في الإنكار، وتقييد الإنكار بوقت كونهم ترابًا لتقويته بتوجيهه إلى الإخراج في حالة منافية له، وإلا فهم منكرون للإحياء بعد الموت مطلقًا؛ أي: سواء كانوا ترابًا أو لا.
والعني: أنخرج نحن وآباؤنا من القبور إذا صرنا ترابًا وعظامًا رفاتًا، لا والله
٦٨ - {لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا} الإخراج من القبور كما كنا أول مرة {نَحْنُ} وتقديم الموعود على نحن؛ لأنه المقصود بالذكر، وحيث أخر - كما في سورة المؤمنون - قصد به المبعوث، {وَآبَاؤُنَا} معطوف على ضمير {وُعِدْنَا}، {مِنْ قَبْلُ}؛ أي: من قبل وعد محمد إياه، يعني إن آباءنا وُعدوا به في الأزمنة المتقدمة ثم لم يبعثوا، ولن يبعثوا.