وشيبة ونافع بضمها. ثم أمر رسوله صلى الله عليه وسلّم أن يبين لهم حقارة شأنهم فقال:{قُلِ} يا محمد لهؤلاء الذين يحتقرون نعم الله عليهم {ادْعُوا} ونادوا {شُرَكاءَكُمْ} الذين اتخذتموهم أولياء من دون الله، واستعينوا بهم في عداوتي {ثُمَّ كِيدُونِ} أنتم وشركاؤكم جميعا؛ أي: تعاونوا على كيدي وبالغوا فيما تقدرون عليه من المكر وأوقعوا الضر بي سريعا {فَلا تُنْظِرُونِ}؛ أي: فلا تمهلوني ولا تؤخروني ساعة من نهار، فإني لا أبالي بكم لاعتمادي على ولاية الله وحفظه، فمعنى {ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ}: استعينوا بهم على إيصال الضر إلي {ثُمَّ كِيدُونِ}؛ أي: امكروا بي، ولا تؤخرون عما تريدون بي من الضر.
والحكمة في مطالبتهم بهذا (١): أن العقائد الموروثة يتضاءل دونها كل برهان، ولا يجدي معها دليل، ومن ثم طالبهم بأمر عملي ينزع هذا الوهم من أعماق القلوب، وهو أن ينادوا هؤلاء الشركاء ويستنجدوا بهم لصد دعوة الداعين إلى الكفر بها، وإثبات العجز له، وإنكار ما لهم من سلطان غيبي وتدبير كامن، فإن كان لها سلطان في أنفسها أو من عند الله تعالى .. فهذا أوان ظهوره، وإلا فمتى يظهر ليساعد إبطال عبادتها، وينصر عابديها ومعظمي شأنها، ومن الجلي أنّ القوم كانوا ينكرون البعث، فكل ما يرجونه منها من خير أو يخافونه منها من شر فهو في هذه الحياة.
وقرأ أبو عمرو وهشام بخلاف عنه:{كيدوني} بإثبات الياء وصلا ووقفا، وقرأ باقي السبعة بحذف الياء، اجتزاء بالكسرة عنها.
١٩٦ - ثم زاد الأمر بيانا، وبالغ في حقارة هذه المعبودات وعابديها على ما كان به من ضعف وقلة ناصر، وهو بمكة حين نزول هذه السورة، فقال:{إِنَّ وَلِيِّيَ}؛ أي: إن ناصري ومتولي أموري هو {اللَّهُ} سبحانه وتعالى {الَّذِي نَزَّلَ} علي {الْكِتابَ} الكريم والقرآن العظيم المؤيد لوحدانيته، ووجوب عبادته، ودعائه عند الشدائد والملمات، والناعي على المشركين عبادة غيره من وثن أو صنم، {وَهُوَ}